صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

أيهما أذكى الرجل أم المرأة…! ؟ “العلم يجيب” 

81

أيهما أذكى الرجل أم المرأة…! ؟ “العلم يجيب”

من الأذكى؛ الرجال أم النساء بشكلٍ عام؟ لم يكن طرح هذا السؤال بغاية فضول أو عراك؛ بل كان له أصول تاريخية بعضها كان عنيفًا. إن الإجابة على هذا السؤال بـ الرجل أو الأنثى، لها تداعيات إنسانية عديدة فهو يحدد أي الأدوار والوظائف مناسبة أكثر للرجل وللأنثى. وعلى ذلك قد يتحكم بمن سوف يقود الأدوار السياسية أو القضائية في المجتمعات، وكان له تأثيرات سابقة في مساواة الأجور والفرص المتكافئة.

من المُفترض تطوريًا كما يجادل ديزموند موريس، عالم الحيوان، في كتابه القرد العاري – The Naked Ape أن الذكاء والجهاز العصبي البشري وُجد نتيجة لاحتياج الإنسان لعقل أكثر تعقيدًا لصنع أدوات أكثر تعقيدًا يستخدمها في عمليات الصيد. وحيث أن عمليات الصيد كانت متوقفة على الذكور، كان سائدًا أن يكون للذكور معدل ذكاء أعلى من النساء.

وحتى هنا نقف أمام معضلتين: الأولى أن الذكاء بمفهومة الحديث أو الدارج، لا يتطابق مع مفهوم الذكاء الذي احتاجه الإنسان البدائي في عمليات الصيد. والثانية هي حِكر هذا الذكاء على عقل الذكور دون الإناث. فنحن واثقون أن تطور العين مثلًا كان مصاحبًا لاحتياجات الإنسان في التمييز أثناء صناعة الأدوات أو الصيد، وكان ذلك حكرًا على الذكور أيضًا. ولكن تطور العين وإمكانياتها الهائلة لم تقف كحكر على الذكور دون الإناث، فكيف نُعد الذكاء كذلك؟

مَن الأذكى؟

نحتاج أن نوضح أن إجابتنا على هذا السؤال تعتمد على تعريفنا لمفهوم الذكاء. أُجريت العديد من الدراسات لتضع نموذجًا أو معيارًا للذكاء كالأخذ بالمرونة الفكرية2 أو القدرة على التعلم واستيعاب المعرفة العلمية3 أو حتى الإبداع الموسيقي4 والذكاء العاطفي5 وكانت الدراسات عادة ما تجيب عن هذا السؤال، بأن تقوم بتمرير مجموعتين عشوائيتين من الرجال والنساء ليخضعوا لاختبار؛ ومن ثم يتم مقارنة النتائج. إلا أن تلك الاختبارات كانت تُغفل بعضها: فمن الوارد أن يكون الفرد ذو ذكاء عاطفي ولكن لا يمتلك القدرة الكافية لاستيعاب المعارف العلمية.

يعتمد اختبار الذكاء العام على مصطلح يسمى العامل جي – g factor، وهو ملاحظة أن أغلب المتفوقين في أي من اختبارات الذكاء (الموسيقى مثلًا) سيكون عادةً (بنسبة 40 إلى 50 بالمئة)6 متفوقًا في باقي الاختبارات (كالاستيعاب العقلي مثلًا). أي أن هناك عاملًا مشتركًا في الدماغ بين شتى أشكال الذكاء المختلفة وعلى ذلك العامل تعتمد الدراسات الحديثة لقياس معدلات الذكاء IQ.

دراسات بانحيازات ذكورية؟

ريتشارد لين، أستاذ علم النفس في جامعة إيرلندا، كان من أكثر الباحثين الذين أثاروا الجدل حول سؤال مَن الأذكى، وأجاب عنها في دراسات عديدة. أشهرها دراسته التي نُشرت عام 1994 تحت عنوان: الاختلافات الجنسية في الذكاء وحكم الدماغ.7 والتي يُجيب فيها بوضوح: الذكر أذكى

.أجرى لين دراساته على مجموعات من الذكور والإناث في إيرلندا واسكتلندا، وأفاد أن الذكور حصلوا على معدل أعلى بـ 2 إلى 5 درجات من النساء في اختبارات الذكاء، ودعم هذا ببيانات المسح الإشعاعي التي تُظهر أن أدمغة الذكور في المتوسط أكبر حجمًا من أدمغة الإناث.

أثارت دراسة لين جدلًا علميًا واسعًا كان منطلقه المشاكل التي وجدها العلماء في الدراسة، كان أولها الاعتراض على أن استنتاجات لين اعتمدت على اختبارات مُعينة؛ قد صممت بالأصل لتأكيد التساوي بين الذكور والإناث في معدلات الذكاء، فكان يوضع بها أسئلة مُعينة للإناث من المعلوم أن إجابتهم فيها ستكون أفضل من الذكور والعكس. وهذا النوع من الاختبارات لا يمكن إجراؤه للمقارنة بين نتائج الذكور والإناث فيه وتقييمهم سواء. والعجيب أن مجموعة من العلماء قامت باستخدام امتحان لين مرة أخرى عام 1995 (أي بعد عامٍ واحد من لين) لتجد أنه لا يوجد هناك أثر لتلك الاختلافات التي أبلغ عنها لين8، ورأى العلماء أن هذا الاختلاف في النتائج قد يكون سببه تحيز الباحثين في دراسة لين أو عوامل أخرى أثرت على قياس النتائج.

أما بالنسبة لحجم الدماغ، فقد أثبتت دراسة ويليام ت. جرينو، أستاذ علم النفس في جامعة إليوني وعالم الأعصاب، التي نشرها عام 1987؛ أن الفروق في حجم الدماغ لا تؤدي إلى أي تفوقات عقلية، وعادةً ما تكون مرتبطة بالتجارب السابقة للجنسين9.

وإن كان الرجال يتفوقون على النساء في حجم المخ (وقد رأينا أن هذا لا يعني شيئًا) فنحن نجد مخ الإناث يتفوق في نواحي أخرى عديدة. فمعدل تدفق الدم المؤكسج نحو أدمغة الإناث أعلى من الذكور10 كما أن اتصال الإناث بمناطق في دماغهم يفوق اتصال الذكور. كنصف الكرة المخية – Cerebral hemisphere، حيث تستخدمها الإناث بشكلٍ كامل ومتساوٍ، على عكس الذكور الذين يستخدمون الجانب الأيسر فقط بنسبة أكبر11. لم تلتفت دراسة لين لأي من هذه الاختلافات، وأخذ العالم فقط بحجم الدماغ كي يدعم استنتاجاته والتي من الواضح أنها تأثرت بانحيازه.

نتائج صُدق عليها :

نشر آرثر جنسن، عالم النفس الأمريكي وأستاذ الفلسفة بجامعة بركلي، في عام 1998 كتابه الشهير: علم القدرة العقلية: العامل جي The g Factor: The Science of Mental Ability والذي قدم فيه خلاصة عشرات السنين من الأبحاث التي تدرس العامل g والعوامل الأخرى التي تؤثر على معدله. قدم جنسن دراسته في عام 1969 والتي حلل فيها نتائج مجموعة سكانية واسعة من الإناث والذكور، يقول جنسن في نتائج دراسته:

لم يتم العثور على أي دليل يثبت وجود فروق بين الجنسين فى المعدل المتوسط للعامل g؛ ولكن يتفوق الذكور في بعض العوامل والإناث في أخرى.

أعاد المتخصصون القيام بنفس عمليات جنسن مستخدمين نفس امتحاناته على قطاع سكاني آخر، وكانت النتائج متشابهة إلى حد كبير مما أثبت صحتها.

إذًا لا يوجد دليل يثبت لنا بشكل عام تفوق لأحد الجنسين على الآخر ولكن كان هناك تفوقات لكلا الجنسين في سلوكيات مُعينة. وقد أيدت هذا العديد من الدراسات كالتي نُشرت عام 2014 في الأكاديمية الوطنية للعلوم12، والتي أبلغ باحثوها:

أشارت نتائج الدراسة لأن أدمغة الذكور منظمة بحيث تصل بشكل أفضل بين الإدراك والتصرفات الطبيعية، بينما عقول النساء منظمة بحيث تصل بين أساليب المعالجة التحليلية.

عمليًّا: ألم يتفوق الرجل؟

إذًا؛ كما بينا تثبت الدراسات أن الرجل والمرأة متكافئان ويتباينان فقط في بعض المجالات العقلية التي تتفوق فيها الإناث دون الذكور والعكس. ولكن عند النظر بأعيننا للواقع من حولنا سنسأل: لما يتفوق الرجل؟ قد يكون تفوق الرجال في الحياة العملية هو السبب في اعتقاد البعض أنهم أذكى بيولوجيًا؟ فمن بين 800 فرد حاصل على جائزة نوبل، لم تحصل النساء عليها إلا 40 مرة، ومن بين كل المؤسسات الكبرى الناجحة كفيسبوك وجوجل، نجد أن أغلب مؤسسيها كانوا من الرجال.

السبب في ذلك عوامل عديدة، من ضمنها الاهتمامات العامة للغالبية النساء والتي (لأسبابٍ اجتماعية بحتة لا علاقة بها بالقدرات العقلية) لا تشمل عادة الطموح العالي. ولكن العامل الأبرز بين كل هذه العوامل هو المجتمع ضد المرأة، ولسنا نتحدث عن العقبات التي تضعها المجتمعات الشرقية (وإن كانت مؤذية) بل نتحدث بشكل عام عن تاريخ الإنسانية ضد المرأة

عمليًّا: ألم يتفوق الرجل؟

إذًا؛ كما بينا تثبت الدراسات أن الرجل والمرأة متكافئان ويتباينان فقط في بعض المجالات العقلية التي تتفوق فيها الإناث دون الذكور والعكس. ولكن عند النظر بأعيننا للواقع من حولنا سنسأل: لما يتفوق الرجل؟ قد يكون تفوق الرجال في الحياة العملية هو السبب في اعتقاد البعض أنهم أذكى بيولوجيًا؟ فمن بين 800 فرد حاصل على جائزة نوبل، لم تحصل النساء عليها إلا 40 مرة، ومن بين كل المؤسسات الكبرى الناجحة كفيسبوك وجوجل، نجد أن أغلب مؤسسيها كانوا من الرجال.

السبب في ذلك عوامل عديدة، من ضمنها الاهتمامات العامة للغالبية النساء والتي (لأسبابٍ اجتماعية بحتة لا علاقة بها بالقدرات العقلية) لا تشمل عادة الطموح العالي. ولكن العامل الأبرز بين كل هذه العوامل هو المجتمع ضد المرأة، ولسنا نتحدث عن العقبات التي تضعها المجتمعات الشرقية (وإن كانت مؤذية) بل نتحدث بشكل عام عن تاريخ الإنسانية ضد المرأة

لم يبدأ تعليم المرأة إلا حديثًا، فكان من الطبيعي أن تكون الهيمنة الفكرية والإنتاجية للذكر على مر التاريخ، حتى في أوروبا الحديثة كان تعليم المرأة أمرًا جديدًا ولم يبدأ إلا في القرن السابع عشر. ولم ينتشر في أوروبا حتى القرن الثامن عشر، والعجيب أنه قبل ذلك لم يكن (كقضية) يجلب اهتمام المفكرين أو السياسيين (الذكور بالطبع).

أما في المجتمعات الشرقية، فإن تعليم المرأة حتى اليوم، قد نُعده شيئًا من الحداثة؛ فأول مدرسة للنساء بالمملكة العربية السعودية لم تظهر إلا منذ 60 عامًا فقط.

التعليم هو عقبة ضمن مئات تواجهها المرأة في العالم العربي بشكل خاص، والذي تتحدث عنه الدراسات كأسوأ بلد للمرأة. تواجه المرأة عالميًا عقباتٍ أشد قسوة من هذا، سنحاول مختصرين أن نحصر الجرائم العالمية ضد المرأة في اللائحة التالية:

تشير دراسة مجلس البحوث الطبية بجنوب أفريقيا ضمن منظمة الصحة العالمية لعام 2013 أن ما يصل إلى 70% من النساء قد تعرضن لشكل من أشكال العنف الجسدي أو الجنسي.

يُشير تقرير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لعام 2018 أن حوالي 72% من ضحايا عمليات الاتجار بالبشر كانت من النساء والفتيات، وتشير النتائج أن من بين كل 4 فتيات (غير بالغات) كان يتم الاتجار بـ 3 منهن لغرض جنسي

يُشير تقرير اليونيسيف لعام 2019 أن هناك حوالي 650 مليون فتاة في العالم قد تزوجت قبل أن تتم سن الزواج الرسمي (الثامنة عشر) وعلى الرغم من الانخفاض في معدلات الزواج العالمية، فإن 12 مليون فتاة دون سن 18 عامًا يتزوجن كل عام في أفريقيا. وفي أفريقيا جنوب الصحراء، من بين كل 10 نساء تتزوج 4 منهن قبل إتمامهن لسن الثامنة عشر. يفرض هذا الزواج والحمل المبكر قيودًا أكبر على النساء تحرمهن من إتمام التعليم بالحمل المكبر.

تتعرض طالبة من بين كل ثلاثة طلاب للتنمر من قبل أقرانها في المدرسة ليوم على الأقل في الشهر، تعاني الفتيات أحيانًا من تنمر نفسي زيادة على التنمر الجسدي. وهُن عرضة لذلك بشكل أكبر من الذكور بانتشار إساءات السمعة والشائعات السيئة؛ حيال الإناث أكثر من الذكور.

ستطول بنا القائمة إلا ما لانهاية إذ أردنا ذكر كل ما يحدث عالميًا من العنف ضد المرأة. انعدام التكافؤ هذا هو الذي يخلق التفاوت في الفرص (وبالتالي الإنجازات العملية) ما بين الذكور والإناث؛ وليس العامل البيولوجي أو غير ذلك. وحتى أن يشهد العالم تغيرًا يسمح له بمكافئة الفرص بين الرجال والإناث، سيظل هذا التفاوت قائمً

ا

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد