صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الواقع السياسي الراهن وتحديات المرحلة

8

الواقع السياسي الراهن
وتحديات المرحلة

التحايا العميقة لشعبنا الكريم مفجر ثورة ديسمبر العظيمة والتي كان نتاجها سقوط نظام المؤتمر الوطني او نظام الكيزان في الحادي عشر من ابريل للعام 2019 بعد سنوات طويلة من الظلم والقهر والاستبداد والمحسوبية والفساد ومااعظمه واقبحه من فساد بحكايات يحس الانسان عند سماعها في بداياتها باانها من نسيج الخيال او في زمان غير زماننا هذا وواضح ان السمة الظاهرة والعلامة المميزة للعهد البائد وجواز المرور والدخول لعالمه هو ان تكن فاسدا وان تكن لك القدرة علي التملق والتلون وان تستخدم الدين كشعار وستار لكل الافعال السيئة حتي بتنا نخاف علي الدين منهم والدين منهم براء والاهم ثم الاهم علي الاطلاق ان تكن ذو دراية بطرق اكل مال الدولة عبر كل طرق الفساد المدعومة بقانون التمكين والمحسوبية المعروفة والمعلومة وهي في اعتقادنا بعد كل تلك السنوات ومارايناه فيها انها ماركة مسجلة باسم المؤتمر الوطني ولاغيره

وانتقلنا بعد ذلك الي الفترة الانتقالية والتي هي في مجملها شراكة بين العسكر والمدنيين واستبشرنا خيرا بان الامور ستسير في الطريق الصحيح باالاتفاق او الوثيقة الدستورية التي جمعت بين الطرفين برغم ان الارهاصات والاشياء والاحداث التي سبقت هذا الاتفاق كان تنبئ بان الفترة الانتقالية ستمر بمراحل صعبة وخطيرة لعدة اسباب اولها عدم وضوح رؤية المكون العسكري والميول الحزبية والسياسية لمكوناته والتي في واقعها تشير الي الانتماء للعهد البائد خاصة اذا علمنا ان هذا الرتب الرفيعة في العسكرية كانت حكرا علي الكيزان ولايوجد شخص لايوالي المؤتمر الوطني يمكنه الوصول لهذه الرتب والمواقع الرفيعة بخلاف شخصية وحيدة لم ترتقي عبر الطرق العسكرية المعروفة وانما عبر ترقيات من الحكومة السابقة نفسها لانها في اصل تكوينها هي لحماية النظام وكانت تتبع لرئاسة الجمهورية السابقة مباشرة
والامر الثاني انهم كانو علي علاقة بدول المحاور وهي الامارات والسعودية ومصر وهي الدول الان التي تمتلك المال والمال الوفير وتتحكم في شكل وتكوين كل حكومات المنطقة العربية خاصة دول الربيع العربي والتي غيرت حكامها او حكوماتها بثورات شعبية والسودان ليس بمعزل بل وبحكم المنطقة وبحكم الثروات التي فيه يعتبر من اهم الدول الان وبالتالي يجب التحكم والسيطرة عليه من البداية حتي لاتنتشر ثورته في فضاء المنطقة بسيطرة المكون المدني علي كل المشهد السياسي وبالتالي تغيير كل المعادلات السياسية لان المدنيين يمثلون روح ونبض الشعب ومفوضين منهم وبالتالي ملزمين بتعديل مساراتهم السياسية بحيث تتوافق مع هوي ونبض شعوبهم..
الامر الثالث والاخير وهو الاهم ان الوثيقة الدستورية التي تحكم الشراكة بين المكونين بها خلل كبير وعيوب كثيرة وواضح انها تعرضت للتعديل الكثير والكبير وكنا حتي وقت قريب لانصدق ان هنالك نسختين للوثيقة احداها تم نشرها واخري لم يتم نشرها ولكن مانراه الان من سلطات واسعة للمكون العسكري في المجلس السيادي بخلاف فترتهم للحكم لمدة عام ونصف والتي تبقي منها اشهر بسبطة ويتحكمون بها علي كل القرارات والاجراءات الا ان المخزي حقيقة أن المكون المدني ممثلا في رئيس الوزراء والتي بااعتبارها الجهة التنفيذية الاولي في الدولة لايملك الكثير من الصلاحيات لاتخاذ القرارات المفصلية والمصيرية التي تؤثر علي سير العمل في الحكومة الانتقالية وتحديدا فيما يتعلق بجميع المؤسسات العسكرية من تعيين واعادة توظيف واعادة هيكلتها تماما لتتماشي مع الوضع الجديد الان وكذلك الاستثمارات والشركات التي تتبع لهذه المؤسسات وعدم القدرة علي جعلها تتبع لوزارة المالية وبالتالي هذا يعني ان العمل التنفيذي به قصور وقصور كبير جدا وبلاشك هذا الامر سيعرض سفينة الفترة الانتقالية للتعثر وقد يكن سببا للتوقف تماما وكما يقال بالبلدي والعامية السودانية ريسين غرقوا المركب..

الغريبة في الامر والمثير الدهشة والاستغراب في امر هذه الوثيقة ان المكون المدني قبل حادثة فض الاعتصام وقتل الابرياء العزل وهم نيام صيام في ابشع جريمة تشهدها الساحة السياسية السودانية ان الحرية والتغيير كانت في موقف اقوي من المكون العسكري وكثيرا ماكانت تملئ شرطها واشتراطاتها للاتفاق والتي هي في مجملها كانت تمثل نبض الثوار وبالتالي تمثل نبض الشعب عموما ..
ولكن بعد تلك الحادثة ودخول الوساطة الافريقية والاثيوبية علي خط الاتفاق والمفاوضات تغيرت المعادلة تماما وبعد ان كانت مكونات الحرية والتغيير في موقف قوة اصبحت في موقف ضعف ونتاجها هذا المسخ المشوه من الوثيقة الدستورية ولااحد يعلم حتي الان ماحدث في اضابير تلك المفاوضات وكل ماشاهدناه اتفاق فرح له الجميع بدا من المواطن السوداني الثائر اولا ودول الجوار والعالم الذي من حولنا ولكن في نهاية الامر وبعد تلك الفترة من بداية الفترة الانتقالية ظهر كل ماكان مخفيا وتبين العجز في جهازنا التنفيذي تماما وبالتالي يمثل عجز للدولة والحكومة المدنية الانتقالية..

الان وبكل امانة وصدق الفترة الانتقالية تمر بمراحل حرجة وصعبة جدا بحجم التحديات الكبيرة التي تنتظرها والصعوبات التي تواجهها في سبيل تحسين الوضع الاقتصادي ليتسق مع اهداف الثورة التي خرج المواطن الغلبان من اجل تحقيقها وفي ذات التوقيت العمل علي تنظيم وهيكلة الدولة من جديد عبر كل مؤسساتها والتي تعرضت للتبديل والتحول خلال تلك السنوات بما يسمي بفقه التمكين والذي تحاول الحكومة الحالية العمل علي تفكيكه واسترداد اموال الشعب..

للاسف المعطيات الماثلة امامنا تشير الي فشل كبير للحكومة الانتقالية في معظم ملفاتها مهما كان حجم العوائق التي تعترض مسيرتها وللامانة هذا الضعف ناتج من ضعف الكوادر الحزبية للحرية والتغيير التي تم اختيارها والمراهنة علي نجاحها وحتي وهي غير ناجحة ينظر اليها ولايتم تعديلها او الاتيان بكوادر او كفاءات اخري اكثر فهما وقدرة علي العمل وهو امر سيصعب ويعقد الامور يوما بعد يوم وفي ذات التوقيت اي قصور من المكون المدني تقابله قناعة بالمكون العسكري من الجميع ويجعل الرهان عليهم كبيرا ولاادل علي ذلك ان جميع الشعب السوداني الان يلهج بالثناء والمديح لسعادة الفريق اول حميدتي نائب رئيس المجلس السيادي وهو القائد الفعلي للدولة الان رضي من رضي وابي من ابي والدليل تربعه علي عرش الالية الاقتصادية وقيامه بواجبه علي الوجه الاكمل بل وتواجده في العمل الميداني المباشر مع الجمهور والمواطن اكثر من رئيس الوزراء ورئيس المجلس السيادي نفسه..

نخاف علي حكومتنا من نفسها بسلبيتها وقصورها في اداء العديد من مهامها ووظائفها وتمضي الفترة الانتقالية ولايتم التأسيس والتخطيط للدولة المدنية القادمة وتركها للظروف وبذلك تكون عرضة لهمينة الاحزاب الاخري التي لم تشارك في الفترة الانتقالية ومحتفظة بقواعدها بما فيهم حتي المؤتمر الوطني وسيجد المواطن نفسه مجبرا علي تقبل واقع تجربة سياسية اخري عشما منه في الاصلاح الذي ينشده ويبتغيه..
وواضح جدا ان الحركة الاسلاميةبدات في تغيير جلدها لتستوعب المتغيرات السياسية التي طرات علي الساحة السياسية السودانية ويلاحظ ظهور مجموعة جديدة فيما يسمي بالاحياء والتجديد وهو في قناعاتنا الهبوط الناعم والاضطراري للحركة الاسلامية في ثوب جديد وقشيف
فهم حتي وان تدثرو عبر دثار اخري فهم اسلاميين ابناء اسلاميين يعلمون علي اعمال العقل والفكر في النقاش وتوصيل رسالتهم بصورة راقية ومبسطة وحضارية تخاطب العقل والوجدان وليس عبر تعطيل دولاب العمل في الدولة بالمكايدات السياسية والحزبية الذي ينتهجه كبارهم ومن يوالونهم الان مع الاخذ في الاعتبار ان الخاسر من هذه الحرب والمكايدات وطننا الحبيب ..
قناعتنا انهم ان سارو علي هذا الدرب والمنوال سيجدو كل التقدير والاحترام من الشعب السوداني عامة وسيكتبون عمر وعهد جديد للحركة الاسلامية لتستمر في الساحة السياسية السودانية بعد فشلهم الذريع في تجربتهم السابقة عبر كل تلك السنوات الطوال..

وتظل واحدة من التشوهات الكبيرة التي بدأت تظهر في ثورتنا العظيمة وتعتري جسدها والتي قد تخصم كثيرا من رصيدها الشعبي الجميل فيما يسمي بلجان المقاومة وهم شباب الثورة ووقودها المحرك وهي الحامية لثورتها والحريصة عليها بمتابعة ومراقبة كل مايحدث في الاحياء خوفا من الثورة المضادة بتعطيل عجلة الاقتصاد وزيادة معاتاة الشعب المسكين في متطلباته المعيشية الاساسية وهي دقيق الخبز وكل المحروقات بااختلاق الازمات المتكررة
وفي اعتقادنا ان دورهم عظيم ومهمتم عسيرة تتطلب اليقطة والحضور الذهني والحس الثوري
ولكن للاسف ونقولها بمل الفيه ان معظمها حادت عن مسارها وعن دورها الحقيقي المطلوب منها واصبحت هي القانون بدل ان تستخدم القانون لمعالجة مشاكلها وتمددت صلاحياتها كثيرا واصبحت مصدر قلق بمحاولة سيطرتها واعطاء نفسها صلاحيات اكبر من حجمها ومهامها بل واصبحت تملئ شروطها ومطالبها حتي وان كانت تخدم الوطن والولاية والمدينة والحي وتشترط فيها الحل العاجل بل واحيانا اصبحت تستخدم ذات الاسلوب القديم في بداية الثورة المجيدة بوضع المتاريس في الطرقات وعرقلة العمل والنشاط وهو امر غير مقبول تماما ويقدح في ثوريتهم وحرصهم عليها وهو امر ايضا سينعكس سلبا علي اداء الحكومة بدلا من ان يعينها ويدعمها ويقيني ان هذه اللجان تعرضت للاختراق لتشويه صورتها واظهار بمظهر التفلت والعشوائية وان لم تضبط عملها وتضبط عضويتها ستكون معاول هدم بدلا من كونها معاول بناء….

الان فقط تحتاج الثورة لتستنفر طاقات شبابها وتوظفها التوظيف الامثل عبر تنظيم كبير يجمعها بطريقة قانونية بشروط وضوابط تحكم عمله ويمثلهم ويمثل افكارهم واهدافهم التي خرجوا من اجلها ويلبي طموحاتهم ويحقق اشواقهم وامانيهم بدلا من التشرذم والتفرق الذي يعيشونه وللخروج من عباءة الاحزاب التقليدية التي استنفذت اغراضها الان وماعادت تخدم قضية الوطن عبر شخصياتها الاعتبارية التي مارست العمل السياسي لسنوات عديدة ولم تفلح حتي الان في خلق واقع سياسي يمكنه استيعاب الحاضر والمستقبل بعيدا عن الماضي الذي مازلنا نعيش اثار فشله حتي الان بهمينة المؤتمر الوطني او الكيزان علي السلطة لسنوات طويلة بتقويض للديمقراطية في العام 1989 …
لابد من العمل والعمل بقوة ليري هذا المولود النور والاستضيع ثورتنا بعودتنا لذات المربعات القديمة في الفهم والفكر السياسي القديم والاحزاب التقليدية البالية…

وللامانة هنالك اسئلة حيري عظيمة اقلقت مضاجعنا وقللت منامنا ونحتاج فيها لاجابات مقنعة لنزداد يقينا وايمانا بعودة حقوق الوطن المسلوبة..

هل عمل لجنة التفكيك وازالة التمكين قانوني مائة المائة في كل مراحله??
وهل قانون التفكيك وازالة التمكين مكتمل ومستوعب لكل المتغيرات التي تطرا بين الفينة والاخري??
وهل تم فعلا استرداد للشركات والاراضي التي تم ذكرها ام لا حتي الان?? .
يعني هل هنالك استلام فعلي??
لان مايرشح من مداخلات من بعض القانونيين ان الاسترداد وبالذات في الاراضي يحتاج لحكم قانوني قضائي
وان كانت الاجابة بنعم فينبغي بذات كيفية اعلان الاسترداد ان يتم عرض الاسترداد للشعب ليثق اكثر في عمل اللجنة لان هنالك اراضي ومواقع حسب علمنا لم تتم اجراءات اعادتها للدولة حتي الان..
ام الاموال فااعتقد ان هنالك صعوبات جمة في الوصول اليها واستردادها فحجم الارقام التي نسمعها كبيرة ومهولة وان عاد ولو جزء يسير منها قادر علي تحويل دفة الاقتصاد السوداني 360 درجة…

حديثنا ليس تقليلا او تبخيسا للحكومة الانتقالية ونقدا جارحا لها وانما تقييم للاداء التنفيذي لها بغرض التجويد ليس الا ونعشم في ارتقاء مستوي الاداء بحجم الثورة التي قامت وبحجم تطلعات المواطن الذي يحلم بوطن جديد وعزيز بعيدا عن ماشاهده وعاناه خلال الثلاثون عاما المضت…

يتبغي التاكيد علي ان هنالك معطيات ومتغيرات جديدة قد تغير كل المعادلات السياسية الحالية وهي الوصول لاتفاق مع الحركات المسلحة والذي هو في نهاياته وبالتالي ستكون هنالك تغييرات كبيرة في الحكومة المدنية علي مستوي وزاراتها وكذلك في المجلس السيادي وبالتالي وبلاشك سيحدث تغيير كبير في شكل الاداء التنفيذي في الدولة بتحريك بعض الخطوات التي كانت مرتبطة بهذا الاتفاق وهي تكوين المجالس التشريعية لتساهم بصورة كبيرة في العمل التنفيذي بمراقبتها للاداء والعمل علي تجويده وكذلك تعيبن ولاة للولايات بدلا من الولاة العسكريين المكلفين الان ونتمني ان يقودنا هذا الاتفاق للافضل وان نخطو خطوات كبيرة في دروب اعادة بناء الدولة السودانية من جديد بتمزبق فاتورة الحرب نهائيا وبلا رجعة في هذه الفترة الانتقالية وحتي في الفترة التي تليها وهي الحكومة المنتخبة التي سيحتكم فيها شعبنا الابى الكريم لصناديق الاقتراع بطريقة نزيهة وشفافة بعيدا عن التزوير الذي كان يمارس في السابق لاختيار من يحكمه او يحكمونه..

وعشت ياوطني حرا ابيا عزيزا….

ياسر الخير

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد