صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

حل المنظمات.. تفكيك»صواميل» الدولة العميقة

4

 

في صباح الأمس الذي انخفضت فيه درجات الحرارة بمدينة كسلا ارتفعت درجاتها امام أمانة حكومة الولاية التي تقع على مقربة من نهر القاش، وذلك حينما رفع أكثر من مائة مواطن لافتات حملت بين ثناياها تنديداً بقرار مسجل المنظمات الطوعية بمفوضية العون الإنساني الذي قضى بحل ثلاثة وعشرون منظمة يشتبه في أنها من مصادر تمويل حزب المؤتمر الوطني، ويعتقد الكسلاويون الذين سجلوا وقفة احتجاجية أمس، أن منظمة تلاويت لاعلاقة لها بالحزب الحاكم، لتتواصل ردود الأفعال المتباينة على قرار حل المنظمات الطوعية الذي قوبل بارتياح وسط أنصار الثورة فيما رفضه آخرون بدعوى عدم قانونيته.

وتصدرت عدد من المنظمات الطوعية الشهيرة قرار مفوضية العون الإنساني وعلى رأسها (سند) التي كانت ترعاها زوجة الرئيس المخلوع وداد بابكر وهذه المنظمة دار حولها جدل كثيف خلال عهد النظام المباد، بل كثيرون ظلوا يؤكدوا أنها امبراطورية اقتصادية وليس مجرد منظمة خيرية فقط. وكانت تديرها مها الشيخ زوجة مدير الجهاز الأسبق محمد عطا، بالإضافة الى منظمة الشهيد التي يعتبر كثيرون أنها كانت دولة داخل دولة من واقع الإمكانيات الضخمة التي كانت تتمتع بها وهذه المنظمة تعتبر أول جهة طالتها متغيرات الثورة حينما تم حلها ثم إلحاقها بالقوات المسلحة الى أن صدر القرار أخيراً بإلغاء تصديقها، وطال القرار أيضاً منظمة المشكاة التي يتولى عبد الحي يوسف رئاسة مجلسها الاستشاري وهو الذي ظل يناصب الثورة العداء منذ اندلاعها وتحوم حوله شبهات الفساد على خلفية حديث الرئيس المخلوع الذي أكد في جلسات محاكمته تسليمه مبلغ خمسة ملايين دولار، وتمتلك المنظمة مؤسسات إعلامية ودعوية، ومن المنظمات التي شملها قرار الحل منظمة ذي النورين الخيرية التي يشير البعض الى أنها تتبع للدكتور محمد عبد الكريم الذي يعتبر -حسب البعض- من المعارضين للثورة والمؤيدين للنظام المباد.
ورفضاً للقرار، فقد أصدرت عدد من المنظمات المحلولة بيانات، ومنها منظمة ذو النورين الخيرية التي عبرت عن بالغ أسفها لقرار إلغاء ترخيصها وحجز أصولها وأرصدتها بواسطة سلطات المفوضية، ونفت المنظمة علاقتها بالمؤتمر الوطني بمختلف مستوياتها الإدارية، وأكدت أنها لم يسبق لها أن دعمت أنشطته ولم تتلقَ دعماً مالياً من الدولة او مؤسساتها، وأن علاقتها مع الحكومة اقتصرت على التعامل الرسمي مثل غيرها من المنظمات، مؤكدة على عدم استلامها إشعار او إنذار للتحقيق مع إدارتها حول مخالفات ارتكبتها، وعلى ذات النسق مضت منظمة تلاويت التي تتخذ كسلا مقراً لعملها وأصدرت بياناً أمس تؤكد خلاله تضرر الشرائح الفقيرة من قرار مفوضية العون الإنساني وأوضحت أنها ظلت منذ تأسيسها تعمل وفقاً لقانون العمل الطوعي والإنساني للعام 2005 بوصفها منظمة طوعية إنسانية وتنموية تلتزم بالقانون وتعمل على تجديد ترخيصها سنوياً وأن علاقة شراكة تجمعها بمنظمات الأمم المتحدة، ونفت نفياً قاطعاً دخولها في عمل سياسي وأنها ظلت تبذل مجهودات كبيرة في مجالات التعليم، الصحة، التغذية، التوعية والتنمية والمبادارت وغيرها من مجالات العمل الإنساني.
وعلى ذات طريق رفض القرار، مضى رئيس حزب دولة القانون والتنمية الدكتور محمد علي الجزولي الذي استنكر قرار حل منظمتي المشكاة وذي النورين .
بالمقابل فإن قرار حل المنظمات وجد ارتياحاً كبيراً لدى قطاع واسع من أنصار الثورة خاصة على وسائط التواصل الاجتماعي وكتب مدون يدعى نذار قائلاً «هذا واحداً من أفضل قرارات حكومة حمدوك لأن هذه المنظمات كانت تمتص دم الشعب السوداني ولاتقدم إليه شئياً «، فيما اعتبر آخرون أن القرار أسهم في تجفيف منابع دعم الإخوان المسلمين، وفي هذا الإطار فإن وزيرة العمل والتنمية الاجتماعية لينا الشيخ رأت أن قرار إغلاق المنظمات يأتي في إطار برنامج الحكومة الانتقالية وإعمالاً لمبدأ الشفافية وسيادة حكم القانون، وأكدت وجود مخالفات في تسجيل هذه المنظمات وفي الاستقطاب وتلقي المنح من الجهات الأجنبية ووقوعها في مخالفات في الاتفاقية الفنية بينها والحكومة.
وطال القرار الحكومي عدداً من المنظمات ومنها سند الخيرية، البر والتواصل، أنا السودان، مجذوب الخليفة، تنميات الإنسانية، الغيث، أم معبد، ربيكان، الاتحاد الوطني للشباب، اتحاد المرأة، مؤسسة معراج، دراسات المرأة، مبادرون، تلاويت، الاتحاد العام للطلاب السودانيين، بت البلد، صلاح ونسي، السالكين، الإصلاح والمواساة، النزيل. وكانت الوثيقة الدستورية قد نصت في الفقرة 15/8 من الفصل الثاني على تفكيك بنية التمكين لنظام الإنقاذ المباد، ويتهم مراقبون هذه المنظمات بتدمير الاقتصاد بدخولها في العمل التجاري وتمتعها بالإعفاءات وحصولها على أموال مقدرة من الخزانة العامة، عطفاً على أن الذين يقفون خلفها من قادة داعمين للنظام المباد.

صحيفة الانتباهة

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد