صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

40

أصدر ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز في 27 سبتمبر/أيلول الجاري أوامر ملكية تقضي بتولي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، منصب رئاسة مجلس الوزراء.

قلة من الناس خارج المملكة العربية السعودية كانوا قد سمعوا باسم محمد بن سلمان آل سعود قبل أن يتولى والده العرش في عام 2015، ولكن الأمير البالغ من العمر حالياً 37 عاما يتعبر على نطاق واسع بأنه الآن الحاكم الفعلي للبلد الذي يعد أكبر مصدر للنفط في العالم.

وقد نال استحسان القادة الغربيين لبعض الإصلاحات التي أشرف عليها في المملكة الخليجية المحافظة بما في ذلك رفع الحظر عن قيادة النساء للسيارات، والسعي لتنويع الاقتصاد.

لكنه تعرض أيضا لانتقادات شديدة بسبب خوضه حربا في اليمن المجاورة تسببت في كارثة إنسانية، وبدء نزاع دبلوماسي مع قطر أدى إلى انقسام مجلس التعاون الخليجي، وتضييق الخناق على الأصوات المعارضة.

بل كانت هناك دعوات لاستبداله كولي للعهد بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، والذي كان أحد كبار الاصوات المعارضة للحكم في السعودية، على يد عملاء سعوديين في القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018، وقد نفى أي تورط له، لكن القتل ألحق أضرارا بالغة بسمعته الدولية.

،

أجرى الملك سلمان تغييرات كبيرة في تسلسل ولاية العهد في عام 2015

ولد محمد بن سلمان في 31 أغسطس/آب من عام 1985، وهو الابن الأكبر للأمير آنذاك سلمان بن عبد العزيز آل سعود من زوجته الثالثة فهدة بنت فلاح بن سلطان.

وقد عمل في عدة هيئات حكومية قبل أن يتم تعيينه مستشاراً خاصاً لوالده الذي كان يشغل منصب أمير منطقة الرياض في عام 2009.

وبدأ صعود محمد بن سلمان إلى السلطة عام 2013 عندما تم تعيينه رئيسا لديوان ولي العهد بدرجة وزير، وكان قد تم تعيين والده وليا للعهد في العام السابق.

وفي يناير/كانون الثاني من عام 2015، توفي الملك عبد الله بن عبد العزيز وتولى سلمان العرش حيث عين نجله وزيرا للدفاع.

وكان من أوائل أعمال محمد بن سلمان في هذا المنصب شن حملة عسكرية في اليمن في مارس/آذار من عام 2015 مع دول عربية أخرى.

وجاء ذلك التدخل بعد سيطرة المسلحين الحوثيين المقربين من إيران، على العاصمة اليمنية صنعاء حيث أجبرت الرئيس عبد ربه منصور هادي على الفرار إلى الخارج.

ولقد حققت الحملة تقدما محدودا خلال السنوات السبع الماضية، كما تردد أن القتال خلف أكثر من 110 ألف قتيل، ووجه اتهام للمملكة العربية السعودية وحلفائها بارتكاب جرائم حرب محتملة، والتسبب في أسوأ كارثة إنسانية في العالم حيث بات الملايين على شفا المجاعة.

كانت غالبية القتلى المدنيين في حرب اليمن نتيجة الضربات الجوية بقيادة السعودية

وفي عام 2015 توسعت سلطة محمد بن سلمان كنائب لولي العهد مع تعيينه في أبريل/ نيسان نائباً ثانياً لرئيس الوزراء ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.

ومن تلك اللحظة أصبح محمد بن سلمان مسؤولا عن الحرب في اليمن واقتصاد المملكة العربية السعودية، وأصبحت أهميته كصانع سياسات واضحة في العام التالي عندما كشف النقاب عن خطة طموحة وواسعة النطاق لإحداث تغيير اقتصادي واجتماعي في المملكة وإنهاء “إعتمادها” على النفط.

وتهدف الخطة، التي تسمى رؤية 2030، إلى زيادة الإيرادات غير النفطية إلى 600 مليار ريال (160 مليار دولار) بحلول عام 2020، و 1 تريليون ريال بحلول عام 2030 ، مقارنة بـ 163.5 مليار ريال في عام 2015.

كشف الأمير محمد بن سلمان عن رؤية 2030 وهي خطة واسعة النطاق للتغيير الاقتصادي

وتضمنت الخطة أيضا تغيير المناهج التعليمية، وزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل التي يهيمن عليها الرجل في البلاد، والاستثمار في قطاع الترفيه للمساعدة في خلق فرص عمل للشباب.

وينظر إلى الأمير أيضا على أنه قاد حملة مقاطعة دولة قطر العضو في مجلس التعاون الخليجي في عام 2017 بسبب دعمها المزعوم للإرهاب والتدخل في شؤون جيرانها، وهي اتهامات تنفيها قطر.

التعليق على الفيديو،

محمد بن نايف يبايع ولي العهد السعودي الجديد

واستمر صعود محمد بن سلمان عندما عين الملك سلمان نجله وليا للعهد بدلا من ابن أخيه محمد بن نايف في يونيو/حزيران من ذلك العام.

وسعى ولي العهد الجديد لاحقا إلى تعزيز سلطته حيث شن حملة قمع ضد من يعتقد أنهم معارضون لتوجهاته.

فقد تم اعتقال أكثر من 20 من رجال الدين والمفكرين ذوي النفوذ حيث استهدفت السلطات مجموعة يُزعم أنها تعمل نيابة عن “جهات خارجية ضد أمن المملكة”.

وعندما أعلن الملك سلمان (على الرغم من اعتراضات المحافظين) أن الحظر المفروض على قيادة النساء للسيارات سينتهي في يونيو/حزيران من عام 2018 في المملكة العربية السعودية، آخر دولة في العالم يوجد فيها مثل هذا الحظر، يعود الفضل في ذلك إلى حد بعيد لمحمد بن سلمان.

وتبع ذلك إعلان ولي العهد أن عودة “الإسلام المعتدل” كانت أساسية لخططه لتحديث المملكة وإطلاقه حملة شاملة لمكافحة الفساد.

واستهدفت حملة مكافحة الفساد ظاهريا استعادة ثروة من مكاسب غير مشروعة فيما قال العديد من المحللين إن حملة التطهير ضد أمراء ورجال أعمال من ذوي النفوذ أزالت العقبات الأخيرة أمام سيطرة محمد بن سلمان الكاملة على المملكة.

تم احتجاز أولئك الذين تم القبض عليهم في حملة مكافحة الفساد في فندق ريتز كارلتون بالرياض

لكن الاعتقالات الجماعية أثارت قلق المستثمرين الأجانب الذين كان يعتمد عليهم للمساعدة في تحديث الاقتصاد السعودي، وتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر الجديد إلى أدنى مستوى له خلال 14 سنة في عام 2017.

كما كان قد تم اعتقال نشطاء حقوق المرأة قبل وقت قصير من رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة.

واتهم العديد من هؤلاء النشطاء بارتكاب جرائم خطيرة، بما في ذلك “الاتصال المشبوه مع أطراف أجنبية”، في مؤشر على عدم تسامح القيادة السعودية مع الانتقادات على الرغم من مظاهر الإصلاحات الاجتماعية.

تم اعتقال مدافعين بارزين عن حقوق الإنسان مثل عزيزة اليوسف

ودافع محمد بن سلمان عن اعتقال النشطاء قائلا: “إنهم أساءوا استخدام حقهم في حرية التعبير”.

وقال ولي العهد السعودي: “نحن هنا نحاول التخلص من التطرف والارهاب بدون حرب أهلية وبدون وقف نمو البلاد، لذلك إذا كان هناك ثمن بسيط لتحقيق ذلك فمن الأفضل القيام بهذه الخطوة بدلا من سداد دين كبير”.

وقد شوه مقتل الصحفي جمال خاشقجي الكاتب في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في عام 2018 صورة محمد بن سلمان في الخارج أكثر من غيره.

وكان خاشقجي قد فر من السعودية في عام 2017 وكتب أعمدة في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية انتقد فيها ولي العهد.

وقالت أغنس كالامارد المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالات الإعدام خارج القضاء إن خاشقجي “قتل بوحشية” داخل القنصلية السعودية في اسطنبول حيث قام فريق من العملاء السعوديين بتقطيع جثته ثم تخلصوا منها.

وخلصت كالامارد إلى أن خاشقجي كان “ضحية إعدام متعمد مع سبق الإصرار” كانت الدولة السعودية مسؤولة عنه، كما قالت إن هناك أدلة موثوقة على أن مسؤولين سعوديين رفيعي المستوى، بمن فيهم محمد بن سلمان، يتحملون المسؤولية عن ذلك.

محمد بن سلمان: مقتل خاشقجي جريمة بشعة واتحمل مسؤوليتها بالكامل

ومع ذلك، أصرت الحكومة السعودية على أن مقتل الصحفي كان نتيجة “عملية مارقة” وأن ولي العهد لم يشارك بأي شكل من الأشكال في الأمر.

ونفى محمد بن سلمان أنه أمر بارتكاب جريمة القتل، لكنه قال إنه يتحمل “المسؤولية كاملة .. خاصة أنها ارتكبت من قبل أفراد يعملون لحساب الحكومة السعودية”.

وقد قدم المدعون السعوديون 11 شخصا لم يتم الكشف عن أسمائهم للمحاكمة على جريمة القتل (أدين 5 وحُكم عليهم بالإعدام وخفف الحكم لاحقا إلى السجن المؤبد، وحُكم على 3 آخرين بالسجن).

ووصفت كالامارد المحاكمة السعودية بأنها “مهزلة العدالة”، وقالت إن ولي العهد “ظل محميا بشكل جيد ضد أي نوع من التدقيق الهادف”.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد