مناظير – زهير السراج
الدولة الفاشلة !
* مفهوم الدولة الفاشلة قديم الوجود، حيث ظل الفشل صفة توصم بها الدولة التي تعجز عن القيام بوظائفها العامة، ولكن دخل المصطلح الأدبيّات السياسية في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، وتحديداً في بداية انهيار الحكومة الصومالية، الأمر الذي دعا الباحثين والمفكرين للبحث عن تعريف للدولة الفاشلة ومحدداتها وتبعاتها، وظهرت دراستان لعبتا دوراً أساسياً في وضع التعريف نُشرتا بمجلة السياسة الخارجية (الأمريكية)، الأولى في عام 1993 عن (الدولة الفاشلة)، والثانية في عام 1995 عن الدولة المنهارة.
* عَرَّفت الدراسة الاولى الدولة الفاشلة بأنها التي لا تستطيع أن تلعب دوراً ككيان مستقل، وضربت المثل في ذلك الوقت بهايتي، يوغوسلافيا، الاتحاد السوفياتي، السودان، ليبيريا، وكمبوديا، في حين عَرَّفت الدراسة الثانية الدولة المنهارة بأنها التي لم تعد قادرة على القيام بوظائفها الأساسية، وضربت مثلا بالكونغو في الستينيات من القرن العشرين، وتشاد وغانا وأوغندا في أواخر ثمانينيات القرن نفسه، والصومال وليبيريا وإثيوبيا مع بداية تسعينيات القرن العشرين.
* ورأت دراسات اخرى بأنّ الدولة الفاشلة هي الدولة التي تحكمها المليشيات المسلحة، فيما وصفها بعض الباحثين بانها التي تفقد السيطرة على وسائل العنف الخارج عن الإطار القانوني، ومن ثم تكون عاجزة عن تحقيق السلام والاستقرار لشعوبها أو فرض السيطرة على أراضيها أو جزء منها، ولا تستطيع ضمان النموّ الاقتصادي، أو التوزيع العادل للسلع الاجتماعية، وغالباً ما تتميز بانعدام المساواة الاقتصادية والمنافسة العنيفة على الموارد.
* تتمحور معظم التعاريف، كما رأينا، حول قدرة الحكومة على القيام بواجباتها السيادية على أكمل وجه، وأنه كلما ما ضعفت وتفككت وكانت على وشك انهيار حكومي، كلما باتت الدولة أقرب إلى الفشل.
* تبلور في هذا السياق مقياس لترتيب الدول الفاشلة، يعرف باسم (مقياس الدول الفاشلة)، يصدر بشكل دوري للدول حسب درجة إخفاقها، وفقاً لمؤشرات اقتصادية، واجتماعية، وسياسية، وأمنية، وحظى منذ ظهوره باهتمام وسائل الإعلام العالمية ودوائر صنع القرار في الدول الكبرى بغرض تحديد نوع الخطاب السياسي، وتوجهات السياسات الدولية بشكل عام، فضلاً عن اتجاهات تأثيره في السياسات الدولية.
* حددت منظمة (صندوق السلام) ومقرها العاصمة الامريكية واشنطن، المعايير التالية للدول الفاشلة:
1 – فقدان سيطرة الدولة على أراضيها أو جزء منها، أو فقدان احتكار الاستخدام المشروع للقوة والسلطة داخل أراضيها.
2- تآكل السلطة الشرعية لدرجة العجز عن اتخاذ قرارات موحدة.
3- عدم القدرة على توفير الخدمات العامة.
4 – عدم القدرة على التفاعل مع الدول الأخرى كعضو كامل العضوية في المجتمع الدولي.