لا أحد يدري حقيقة ما يحدث حاليا وما سيحدث غدا من أوضاع قابلة للإنفجار في أي لحظة من عمر السودان.
الإنقلابات العسكرية عادة ما تكون معلومة الاهداف والدوافع والجهة التي تقف خلفها، ولكن يبدو أن ما يحدث منذ فترة داخل المؤسسة العسكرية يشي بشئ غير مطمئن البتة، ويشير بوضوح إلى أن قادم الأيام ستحمل أياما قاسية جدا على الشعب السوداني وسيدفع ثمنها المواطنين والقوات النظامية وتحديدا قوات الشعب المسلحة.
ما حدث في الانقلاب الأخير وفيديوهات إعتراف الفريق هاشم عبدالمطلب تؤكد بجلاء أن الحركة الإسلامية ظلت ممسكة بقوة على مفاصل الدولة ولم يكن الإنقلاب إلا على رأس النظام فقط، والذي لا يعرف مكانه حتى الآن سوى قيادات المجلس العسكري وقيادات دول المحور الثلاثي.
الإعتقالات المفاجئة التي طالت قيادات التنظيم الإسلامي والمؤتمر الوطني مؤكد سيكون لها ما بعدها، بعد أن إنتهى دورها المرسوم لها من قبل قائد مليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو الذي كان يحتاج إلى غطاء سياسي يعينه على مواجهة الشارع وقوى الحرية والتغيير لإخماد الثورة التي جاءت على غير توقعاته. ودقت ناقوس الخطر لنذر مواجهة بين مليشيات الحركة الإسلامية وتحديدا مليشيات المؤتمر الوطني ومليشيا الجنجويد، وبين ما تبقى من شرفاء ضباط وجنود قوات الشعب المسلحة وبين مليشيا الجنجويد من ناحية أخرى، وهي المواجهة التي رسمت دورها بعناية دول محور الشر بعد أن تأكدت من إقتراب وصول قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري إلى إتفاق بشأن الإنتقال لحكومة مدنية إنتقالية، لتدين السيطرة التامة لحميدتي وقواته بعد أن تصبح هي الجيش الرسمي باسم جمهورية السودان، لأن ما حدث من إعتقالات لقيادات وضباط الجيش والأمن عقب إفشال الإنقلاب، يعتبر بكل المقاييس تصفية كاملة الدسم للقوات المسلحة السودانية وإستبدالها بالمليشيات التي يأت دعمها بشكل مباشر من دول المحور وروسيا مباشرة.
ما نخلص له أن إنتهاء أجل التفاوض بشأن الوثيقة الدستورية والتوقيع النهائي عليها بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري لن يكون الطريق له معبَدا ومفروشا بالورود كما يعتقد البعض، ولكنه سكون طريقا محفوفا بالشوك والمخاطر، ويتطلب إلتفاف الشارع حوله بشكل كامل، لأن أى تراجع يمكن ان تكون نتائجه وخيمة وسيدفع ثمنه الجميع بلا إستثناء.
المطلوب من قوى إعلان الحرية والتغيير إنجاز المهمة بسرعة دون إبطاء، لأن التأخير ومنح العسكر مساحة التمدد والإعتقاد بأنهم شركاء في الثورة هو من أوصل البلاد إلى هذا المنعطف الحرج.
حالة الإحتقان التي تتسيد الساحة حاليا تتطلب حكمة ووعي وإنضباط سياسي عالي من الجميع، فنائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي وقائد مليشيا الدعم السريع او الجنجويد كما تعرف، مثل القطر (القشاش)، لا شئ يقف أمامه ويمكن ان يجرف أي شئ يقف أمامه أو يعترض طريقه، وهذا هو الخطر بعينه، إذ لم يعد هناك وجود لما يسمى بجهاز الأمن والمخابرالوطني إلا وفق ما يرى سيادته، ولن يكون هناك قوات شعب مسلحة إلا بإذن وتحت إشراف السيد حميدتي شخصيا.
لذا ما ينتظر الجميع ليس بالامر السهل، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا.