صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

المائة متر …!!

9

إليكم

الطاهر ساتي

المائة متر …!!


:: للمرة الثالثة، يصدر وزير الصحة بالخرطوم البروفيسور مأمون حميدة قراراً بإلغاء شرط مسافة الـ)100( متر للتصديق للصيدليات الجديدة.. نعم، هذه ليست المرة الأولى ولا الثانية، وكان قد سبق أن أصدر ذات القرار قبل سنوات تحت غطاء ما أسماه بالاستثناء، ولم ينفذه.. كما لن ينفذ هذا القرار أيضاً، ما لم يتنازل المجلس القومي للأدوية والسموم عن بعض الحقوق المنصوص عليها باللوائح ..!!
:: وما لم تسقط من الذاكرة، كان هناك سجال حول تراخيص الصيدليات بين وزير الصحة الاتحادية السابق بحر أبوقرده و وزير الصحة بالخرطوم مأمون حميدة..)مابنسمح لأي زول يعمل دول داخل دولة(، قالها أبوقرده تعليقاً على تصريحات حميدة الأخيرة، والذي أكد فيها سلطة وزارته على تراخيص الصيدليات، وأن وزارته أكملت تراخيص كل صيدليات الخرطوم واستلمت رسومها ..!!
:: ولم يتم حسم القضية بعد، ولا يزال أمر تراخيص الصيدليات معلقاً ما بين السلطات المركزية والولائية .. فالشاهد ينص الدستور لكل ولاية حق إدارة أسواقها وخدماتها، بما فيها تراخيص الصيدليات والمتاجر وغيرها .. و لكن بالقانون الذي يتفرع عن الدستور، فإن المجلس القومي للأدوية والسموم هو الجهة المسؤولة عن ترخيص الصيدليات في إطار المراقبة ..وعليه، فإن الصراع مرده تراخيص الصيدليات سًلطة ولائية بالدستور وقانون الحكم المحلي، ثم ذات التراخيص سلطة مركزية أيضاً بقانون مجلس الأدوية .. وبما أن القانون لا يعلو على الدستور، فإن لولايات السودان – بما فيها الخرطوم – سلطة ترخيص الصيدليات..!!
:: وللمجلس سلطة الرقابة على )الأدوية(.. ولكن توزيع الخدمة الصيدلانية في المدن والأحياء – أي تراخيص الصيدليات – سلطة الولايات والمحليات، وهذه السلطة لم تجرد المجلس من سلطة )الرقابة الدوائية(.. أي كما هو مسؤول عن تسجيلها، فإن المجلس مسؤول أيضاً عن جودة وأسعار الأدوية، وليس عن ترخيص الصيدلية.. فالحديث هنا عن مثلث يشكل أضلاعه الصيدلي الذي يتبع للمجلس الطبي، و الدواء الذي يتبع لمجلس الأدوية، ثم الصيدلية التي تتبع للولاية والمحلية..!!
:: ولكن مع الإقرار بحق الخرطوم في الترخيص، فإن مسافة المائة متر بين الصيدلية والأخرى، نص في قانون ولوائح المجلس القومي للأدوية ..ثم إن تحديد المسافات بين الصيدليات نظام متفق عليه )دولياً(، و تطالب به منظمة الصحة العالمية لتوزيع الخدمات الصيدلانية بعدالة، بحيث لا تتكدس الصيدليات في منطقة أو مناطق )محددة(، كما الحال قبل القانون .. وعلى سبيل المثال الأوروبي، أسبانيا )250 متراً(..!!
:: وفي العام 2009، رفضت المحكمة الدستورية بمصر طعناً دستورياً في قانونية تحديد مسافة مائة متر بين صيدلية منشأة وأخرى يراد إنشاؤها، وألزمت الصيادلة بالمسافة القانونية هناك )100 متر(، أكرر محكمة دستورية.. وبلبنان، عدًل مجلس النواب قانون الصيدلة لتصبح المسافة بين صيدلية وأخرى من )200 متر( إلى ) 300 متر(، وذلك لمواكبة عمليات البناء الأفقي .. وبالسعودية )250 متراً(، وكذلك بالبحرين، وبالأردن )100 متر(، و بالسنغال ) 500 متر(..هكذا، تلتزم كل الدول بمسافة هي المعيار الخدمي المطلوب لتوزيع الصيدليات حسب الكثافة السكانية ومساحات الأحياء بحيث تكون الخدمة الصحية بقرب المواطن، أو كما يزعم الشعار الذي ترفعه وزارة الصحة بالخرطوم

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد