صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

بدلتو الكحلية

11

صباحكم خير

ناهد قرناص

بدلتو الكحلية

صديقة اسفيرية ..ارسلت لي في الخاص قائلة انها صارت تتوجس خيفة من ميل زوجها في الفترة الاخيرة الى ارتداء القمصان الكاروهات ..صار فجأة لا يرتدي الا كاروهات ..ضحكت وحكيت لها طرفة ..ان زوجي كان في طريقة للمشاركة في امتحان احدى الجامعات ..استغربت انه لم يحاول ارتداء البدلة الرسمية ..سألته فقال ضاحكا (الليلة حرية وتغيير)..يبدو ان الثورة قد وصلت الى مراحل بعيدة ..وتأثيرها لم يقتصر فقط على الشعارات والأهازيج ..فالملاحظ ان غالبية اعضاء قوى الحرية والتغيير يظهرون (كاجوال) ..قميص وبنطلون …لا بدلة ولا كرافتة ولا يحزنون
البدلة الرسمية كانت الزي المعتمد في اعقاب الاستقلال ..والدولة الوليدة لا تزال تتلمس طريقها في درب الحرية ..صور الأزهري والمحجوب وبقية العقد الفريد من رجالات السياسة في ذلك العهد ..كانت البدلة الأفرنجية شعارهم ..في ذلك الوقت كان الترزي الأفرنجي ملكا غير متوج ..يخيط البدل والأقمصة ..ويتابع الموضة حول العالم ..فتخرج البدلة من بين يديه تحفة وفق المقاس ..غير متهدلة ولا ضيقة ..الحق يقال ان الاناقة كانت سمة ذلك العصر …..وكانت شرطا من شروط قبول العريس ان يكون (لبيس ) ومن هيئة التدريس.
ثم خلف من بعدهم خلف ..اتخذوا الشارلستون والقمصان (المحزقة) ملبسا ..الشعر الكثيف (الخنفس) شعارا ..تراجعت البدلة قليلا .. ومن ثم بدأ زحف الألبسة التي تميل الى الراحة وصارت الأقمصة واسعة ..والبنطال ضخما ..ومن ثم ظهرت موضة الملابس التي تلائم الجنسين في آن واحد .. الملابس الجاهزة اصبحت ارخص واسهل ..والترزي الأفرنجي افل نجمه ..وتباعدت زيارات الناس له ..ومن ثم اظلنا عهد (الكاجوال) والذي صار يطلق عليه اصطلاحا (حرية وتغيير) ..
ما سبق ذكره لفت نظري الى ان المراة السوادنية في غالب الأمر لا تتدخل في ما يرتديه الزوج ولا تؤثر عليه …ولربما وجدت امراة انيقة في ملبسها …لكنها تترك زوجها وحيدا امام الخزانة ليلتقط اي ملابس نظيفة والسلام ..ترى هل كانت امهاتنا اكثر (تركيزا) مع ازواجهن ؟ وشغلتنا اعمالنا واولادنا ..والنتيجة هي ان معدل الاناقة صار منخفضا خاصة في اؤلئك الذين ادمنوا الظهور في وسائل الاعلام ..حتى طالبنا بالصوت العالي بالالتزام بالزي القومي (جلابية وعمة) الى حين اشعار آخر ..فاما عودة سطوة الكنداكات على ملابس الأزواج ..او ظهور ترزي أفرنجي من غابر الأزمان.
التأثير الثوري على الازياء الرجالية ..جعل لزاما علينا عمل خارطة طريق للتوجس الانثوي حيال اي بادرة تغيير في هيئة الزوج ..عليه لكل من يتسائل هل كان تخوف الصديقة الاسفيرية في محله ؟ نقول له نعم ولا .. فالتاثر يعتمد على عمر الزوج ..فان كان شابا ..فلا بأس بالكاروهات ..عادي يعني دعيه يتنفس ولا تضيقي الحناق من البداية ..اما ان كان من الكهول ..فالكاروهات تجوز مع الكراهة توخي الحذر واجب..و يندب مراقبة الهاتف ان استدعى الأمر ..اما اذا تجاوز عمره الخمسينات ..فالنصح اولى ..وربما لو سقت له الأمثلة من شالكة البدلة التي يرتديها البعض من اعضاء الحرية والتغيير امثال (الدقير ) مالو؟ البدلة ليها ناسها ..والكاروهات ليها عمرها .
يرجي الانتباه الى ان الروشتة أعلاه صالحة الى حين اختفاء الأعراض المصاحبة ..او كما قلت عودة سطوة النساء الى سابق عهدها ..ولن يكون ذلك حتى ترجع النساء الى التغني بملابس المحبوب كما في السابق عندما صدحن ب(بدلتو الكحلية ).

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد