صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

جيش الخراب القديم يعمل

7

آخر الليل

اسحق فضل الله

جيش الخراب القديم يعمل

ونقلد الكاتب القديم..
والكاتب الذي يبرع في تصوير حديث الجنون.. حين يسألونه كيف يفعل ذلك…
قال..
أجلس في طرف الطريق.. وكلما سمعت جملة من احد كتبتها خلف الجملة السابقة مباشرة.. فاحصل على.. (أجن) حوار..
وحوار السودان الآن مثلها والكتابات مثلها..
وعلى طرف الطريق صديقنا يحكي ان العجوز الذي يحمله في سيارته يتنهد ثم يقول بخفوت..
عايز أموت…
ثم يقول في حسرة العاجز..
:بس ما عارف أموت كيف…!!
ومن يسألنا لماذا لا نكثر الكتابة نقول له:
(فصاحة اليدين أعجزت فصاحة اللسان).
ونحن نأتي بكل شيء شاهداً دون فائدة
وبعض ما نأتي به شاهداً هو إدارة الخراب في التاريخ..
الخراب بواسطتك انت.
ومحطة تلفزيونية تعرض الثلاثاء (كورنيليوس) وشكسبير يستعيد حكاية كورنيليوس القائد الروماني العبقري
والمسرحية ليست عملاً عن البطولة…
المسرحية أبدع ما فيها هو مشاهد المؤامرة لطرد كورنيليوس الذي كان حاكماً ممتازاً.
وفي الحوار لطرد كورنيليوس قائد المتأمرين يقول للآخرين.
نجعل الشعب يطرده..
قالوا..: كيف..؟ والناس يحبونه وهو ممتاز ونظيف..
قال: في اللقاء الشعبي انا سوف اصرخ به خائن..
وانتم اصرخوا بها من خلفي واصرخ به انا فاسد.. وانتم اصرخوا بها من خلفي..
قالوا: نحن عشرة فقط..
قال: الجمهور سوف يتبعكم في الصراخ..
فالجمهور لا يحب شيئاً مثل الصراخ بالشتائم والاتهامات والتخوين.. والهتاف بها والمظاهرات بها.. مهما كانوا يجهلون ما يصرخون به..
وهذا يقع..
والمشهد هذا/ مشهد الجماهير هذه بعقلها هذا يقود الناس في كل مكان وزمان.
وعن عقل الجماهير وعن المنطق والاتهامات عند الجماهير.. شكسبير يصنع مشهداً آخر في مسرحية أخرى..
وهناك من يقتلون القيصر كان احدهم يسمي سينا.. والجماهير المهتاجة في الشارع حين تلقى رجلاً ويسألونه عن اسمه يقول:
اسمي سينا..
ويصرخون.. سينا؟ انه احد من قتل القيصر.. اقتلوه..
والرجل يقول لهم ..لا.. لا انا لست سينا القاتل… انا سينا الشاعر..
وكان هذا صحيحاً.
لكن الجماهير تصرخ.. سينا الشاعر اقتلوه لأن أشعاره قبيحة..
ومن يجلس في طرف شارع الأحداث يسجل الاحداث يصل الى شيء واحد هو ..
لا داعي للكتابة..
(٢)
….
وهياج يساري الآن لا سابقة له.
والنظر اليه من طرف الطريق يكشف أن شيئاً غريباً يميز الهياج هذا.
الشيء هو أن اليسار/ أعظم العالمين ادعاء للثقافة والعلم.. واكثر العالمين انتاجاً للشعر والغناء.. لا يقدمون على امتداد شهور الهياج جدالاً مكتوباً او قصيدة.. او اغنية.. او اي شيء له صلة بالثقافة او العقل او السياسة او اي شيء محترم..
ما يجري هو
مشروع كامل للتدمير.. التدمير الذي لا يبالي حتى بأن يغطي نفسه بشيء.. والهياج وحده هو السيد ..
ثم تدمير بهياج أخرس أخرس تماماً.. ومدمر تماماً.. ويبتلعك انت تماماً..
وما يتم للتدمير هذا من زمان هو.. إيقاف المجتمع..
إيقاف المصارف.
إيقاف المدارس والجامعات.
إيقاف الصادر والوارد.
إيقاف القانون والدستور.
إيقاف الجهات الأمنية.. وفصل القوة الضاربة من جهاز الأمن عمل يجعل من خبرة جهاز الأمن.. الخبرة العاجزة. شيئاً مثل معرفة من يتقلب في الهاوية حين يعرف أنه يتقلب في الهاوية.. معرفة لا تقدم ولا تؤخر..
وأسلوب صناعة مذبحة الأبيض أنموذجاً.
وأمس الأول خمسة اشتباكات في الخرطوم.
والاشتباكات هذه تصبح عشرة وعشرين. ومائة..
(واشتباكات تعني أن الجهات التي تقود للتدمير تصل إلى المرحلة التي حذرنا منها قبل أسبوعين).
الحرب الأهلية..
والحرب الأهلية بطبع فيها.. هي عمل يجعل كل جهة تضرب العدو والصديق معاً.. لأن كل جهة إن هي لم تضرب. ضُربت..
وبدأنا..
لهذا.. لماذا نكتب…؟

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد