صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

خطبة الجمعة.. 

58

ساخر سبيل

الفاتح جبرا

خطبة الجمعة

الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون :
يقول الله تعالى في محكم آياته :
( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (63) النور
وقال تعالى (أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ) (49) التوبة
وروى البخاري في صحيحه (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم:
«يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ المُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الجِبَالِ وَمَوَاقِعَ القَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الفِتَنِ ).
وفي صحيح مسلم (قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه « تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ». قَالُوا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ)
إخوة الإسلام :
لقد حذر النبي – صلى الله عليه وسلم – من الفتن كما في صحيح مسلم (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ ، قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-
« وَالَّذِي نَفْسِى بِيَدِهِ لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لاَ يَدْرِي الْقَاتِلُ فِي أَيِّ شَيْءٍ قَتَلَ وَلاَ يَدْرِي الْمَقْتُولُ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ قُتِلَ ».
واعلموا أن اجتناب الفتن من سعادة المرء، قال – صلى الله عليه وسلم – «إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ. إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ. إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ. وَلَمَنِ ابْتُلِيَ فَصَبَرَ فَوَاهًا» رواه أبو داود.
وكثيرٌ من الناس في هذا الزمان تتخطفهم الفتن: في آراء الرجال، وأهواء السفهاء، وزلات العلماء، وحظوظ النفوس؛ ولهذا لا عجب أن ترى المتناقضات، وافتراق الناس، وإعجاب كل ذي رأي برأيه وإن خالف الحق والعقل .
أيها المسلمون :
(فروا من الفتن كما تفرون من الأسد)، لتكن هذه العبارة شعار المؤمنين أينما حلوا وأينما سكنوا في هذا الزمان، نعم فروا من الفتن كما تفرون من الأسود والوحوش الضارية التي تفتك في الإنسان ويهرب منها الكبير والصغير والقوي والضعيف لأنها مخيفة وضارة بل ومهلكة وهكذا هي الفتن يا عباد الله بل هي أشد وأقوى على قلوب البشرية وهي أشد على اللإنسان من الوحوش الضارية والأسود المخيفة..
فالفتن المهلكة والفتاكة تقتل الانسان ، بل وتهوي به في الهاوية والفتن اليوم في كل مكان ، في البيوت وفي الطرقات ، وفي جميع البلدان فهنيئا لمن فرَّ منها كما يفر من الاسد.. لأن القلوب إذا أشربها نكتت نقطة سوداء وهكذا حتى يكون قلبه اسود من كثرة الفتن والتشبع بها..
اليوم يا أحبتي نرى الفتن وقد حلت ديارنا ونرى القتل والتشريد وسفك الدماء وكل واحد منهم يقول إن الحق معي وليس مع غيري، وهذه هي الفتن بعينها التي اشار اليها نبينا صلى الله عليه وسلم في آخر الزمان أخرج مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِي عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لاَ يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ وَلاَ الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ ».
فلإذا سألت اليوم لما قتل هذا يقولون لا نعلم.. بل وحتى القاتل تقول له لما قتلت فلان يقول ولله لا أدري.. هكذا هي الفتن عباد الله كثيرة لا تعد ولا تحصى كل إنسان تعرض عليه فتن تختلف عن الآخر فهذا يبتليه الله ويفتنه في المال، وهذا في النساء، وهذا في القتل، وهذا أكل الحرام، وهذا وهذا وهذا إلى ما ليس له نهاية ولله المستعان…
فاتقوا الله بقدر الاستطاعة وحصنوا أنفسكم بالله تعالى واتركوا ما تشابه من الأمور كي لا تقعوا في الفتنة وأنتم لا تعلمون..
وفروا ثم فروا من الفتن قبل الوقوع بها فتهوون بها في جهنم عياذاً بالله ، فكل إنسان يعرف طريقه ، ويعرف طريق الحق والنجاة، فمن تمسك بما أوصى به رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم نجا ولا خوف عليه أبدا.. ومن زاغ عن الطريق هلك ، وأهلك من معه، ولا حول ولا قوة إلا بالله ففي الحديث الذي رواه الدارقطني وحَسَّنه الألباني: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «خَلَّفْتُ فِيكُمْ شَيْئَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِي وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَىَّ الْحَوْضَ».
عباد الله :
ينبغي على المسلم أيام الفتن أن يتقي الله تعالى ويتجنب الخوض فيها والمشاركة في إشعال فتيلها وخاصة ما يتعلق بالقتال بين المسلمين التي تسفك فيها الدماء المحرمة، والمسلم مطالب بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أيام الفتن وغيرها، فإن كان يستجاب له وينصت لقوله فوجوده خير بينهم، وإن رأى أهواء متبعة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فليزم خاصة نفسه، حتى يأذن الله تعالى بتغيير الحال وإصلاح الفساد..
والالتجاء إلى الله مفتاح الفرج فهل يضار من ارتمى في حماه؟ وهل يخسر من تقرب إلى مولاه؟ لا يجد المسلم في هذه الوقت إلا الله تبارك وتعالى، فهو القادر على تغيير الحال والخروج بنا إلى اليسر بعد العسر والفرج بعد الشدة، فالقرآن الكريم يحكي لنا المواقف العظيمة والتي لم يكن لها مخرج إلا بالله تبارك وتعالى
قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ [يونس: 22]
وقال تعالى: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ [النمل: 62].
اللهم أجعل بلدنا هذا آمنا وجنبه الفتن ما ظهر منها وما بطن .. وأقم الصلاة

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد