ما إن أطلق الدكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء دعوته بالتبرع للوطن تحت شعار القومة للسودان حتى تنادى أبناء السودان زرافات وأحاد للتبرع .
الغالبية لبوا النداء، من تبرع من حسابه البنكي، ومن قام بتحويل رصيد، احدهم تبرع بقطعة أرض يمتلكها وربما لا يمتلك سواها، الاطفال، العجزة، ربات البيوت البعيدات عن عوالم السياسة والاخبار،راعي الضأن في الخلاء،الجميع استجاب ، الجميع بأستثناء بعض المرجفين في المدينة .
المغتربون خارج السودان سارعوا بالارسال دون ان يتحسسوا احتياطي رصيدهم، رغبتهم في المشاركة والدعم قديمة متجددة ، كلما أحاط خطب بالوطن.
نجحت الحملة وبامتياز منذ انطلاقتها في ساعاتها الأولى، نجحت لأن الناس يبحثون عن قشة يتعلقون بها، نجحت لأن المواطنين يأملون في رؤية ضوء في نهاية هذا النفق المظلم .
ان اي عمل يساعد على تثبيت دولة المدنية ويحقق نجاح واستقرار لهذه الثورة ويباعد بين الكيزان والسلطة ويحبط مخططاتهم فإن هذا الشعب سيسعى جاهداً اليه
فلم يكن يهم السودانيون في يوم ما مقدار ما يتبرعون به، ان كان مال او ذهب او ارض او أغلى من كل هذا (النفس) ، نعم تبرع السودانيون من قبل بأنفسهم وقدموا أرواحهم عربوناً لإتمام نجاح ثورتهم .
لم يعنِ لهم المال شيئاً كما لم تعنِ لهم أرواحهم، ولكن كل هذا ليس مربط الفرس يا دكتور حمدوك، التبرع هين والقومة للوطن يستحقها السودان، ولكن ماذا انتم فاعلون بجملة التبرعات هذه .
ذلك ان المشكلة لم تكن أبداً في جمع تبرع او انجاح حملة، او المشاركة في قومة أو قعدة للوطن ،ولكن المشكلة في سوء الادارة ومعالجة الأزمات واختراق الملفات .
الشعب السوداني شعب صبور، وقد صبر من قبل على حكومة الشياطين الـ ١٣ ثلاثة عقود وسيصبر عليك ايضاً اذا شعر ان هنالك تغييراً حقيقياً و تنمية حقيقة و عملاً على ارض الواقع وليس خططاً على اجهزة الأيباد .
*خارج السور :*
حتى كتابة هذه السطور فإن الحملة قد نجحت وبامتياز، يحتاج الان رئيس الوزراء ان يخرج مرة اخرى للمواطنين ليخبرهم ماذا هو فاعل بآمالهم واحلامهم وأمنياتهم وثقتهم فيه قبل ان يخبرهم ماذا هو فاعل بأموالهم.