صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

غير رائحة النضال لم نشم رائحة

11

—————

بشفافية – حيدر المكاشفي

غير رائحة النضال لم نشم رائحة

في معرض تعريضه بسؤ الحال الذي يعانيه الناس وهجومه على كافة الأطراف المعنية بصادر الماشية خلال ورشة (أزمة صادرات الماشية وخارطة الحلول)، قال الفريق أول حميدتي نائب رئيس مجلس السيادة فيما قال بعد ان دعا لإيقاف صادر الماشية ليومين أو ثلاثة حتى تنخفض أسعار اللحوم في السوق الداخلي، قال (في ناس ما لاقين يشموا ريحة اللحمة)، وحميدتي يقصد ريحة الشواء ولكن خانه التعبير فرائحة اللحم النيئ غير طيبة وغير مستساغة، وقد ذكرتني عبارته هذه بالقصة الطريفة التي تحكي عن جحا عندما ولي أمر القضاء، والقصة تروي عن رجل فقير وقف بباب أحد المطاعم كانت تفوح منه رائحة الشواء اللذيذ، وكان الرجل جائعا جدا، فاشترى رغيفة بكل ما يملك من دريهمات، وجلس بالقرب من مكان الشواء وبدأ في التهام الرغيفة على رائحة الشواء، فرآه صاحب المطعم، فخرج إليه طالبا ثمن رائحة الشواء، فلم يدفع له الفقير شيئا، فأمسك بيده وأخذه للقاضي جحا و قال له يا سيدي القاضي، إن هذا الرجل أكل رغيفا على رائحة شوائي، و قد طلبت منه أن يدفع لي خمسة قروش ثمن رائحة الشواء فلم يرض. فكر جحا قليلا ثم أخرج قطعة من فئة العشرة قروش، وألقى بها على البلاط فأحدثت رنينا، فقال لصاحب المطعم هل سمعت رنين النقود، قال صاحب المطعم نعم يا سيدي القاضي، فقال جحا خذ الرنين فهو ثمن رائحة شوائك، هو أكل من أنفه و أنت أقبض من أذنك..

ولكن ما بال حميدتي يشكو ويتضجر، ولمن يبعث بشكاواه ويبث ضجره ونقمه على سوء الحال، وهل يبعث برسائله هذه لعامة الشعب وغمار الناس، هذه والله صورة مقلوبة، ان يشكو للناس من يفترض أنه من يتلقى شكاواهم ومشاكلهم ويسعى لحلها، أليس هو نائب رئيس مجلس السيادة وهو بهذه الصفة له مسؤولية تضامنية لحلحلة أزمات البلاد ومشاكلها، والحقيقة ليس حميدتي وحده من كثرت شكواه في محاولة لرمي آخرين بالداء وينسل هو منه على قول الشاعر فيمن يعير آخرين بعيب هو فيه، فالبرهان ايضا يشكو ويتذمر، وقيادات قحت يشكون وينتقدون، بل ما صعد مسؤول في وزارة أو مؤسسة منبراً إلا وأبتدر حديثه عن فقر وزارته أو مؤسسته ونضوب مواردها، وما أدلى كبير في أي صرح بتصريح حول أي موضوع إلا واستهله بقوله أنه وجد صرحه (اباطه والنجم وعدمان نفاخ النار من الموارد)، وبالطبع الشعب يشكو وهو صاحب الحق الحصري والأصيل فى الشكوى، فلا تدري من يشكو لمن، مع العلم أن كثرة الشكوى تجلب الهم وكثرة التذمر تورث الغم، فمن كان عنده خيراً فليقله أو ليصمت، والحقيقة الصادمة أن كثيرين لم يشموا رائحة اللحم لغلائه الفاحش فقط، بل نستطيع التأكيد بأنهم لم يشموا رائحة أي شيء حتى الآن غير رائحة نضالهم الذي أنجب ثورة ديسمبر الباسلة، وقد صدق فناننا الفذ وردي الذي غنى (أجمل من فراشة مجنحة على ضفاف المقرن الجميل، أجمل من نوارة مفتحة ترقد تحت ذهب الأصيل، أجمل من رائحة النضال لم أشم رائحة في صبحك الجليل) يا فخر هذا الجيل..

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد