تعاني مرافق الدولة الصحية من إشكالات عديدة جعلت منه قطاعاً لتحصيل وجباية الأموال أكثر منه صحياً ومعنوياً بتطبيب المرضى وليس استحلاب جيوبهم كما يعمل عدد كبير من المستثمرين في قطاع المستشفيات الذي بات ينافس قطاع الفندقة والسياحة من حيث التحصيل اليومي الملياري.
الموضوع الذي نحن بصدده هام جداً من وجهة نظري، ونقلا عن احد المتابعين للشأن العام، يتعلق بمستشفى (يونيڤرسال)، الذي تم تشييده من أموال محمد أحمد في عهد المخلوع تحت إشراف جهاز الأمن والمخابرات.
تقول المناشدة (مستشفي يونيفرسال السودان من اضخم المنشآت وكلف خزينة الدولة اكتر من ٢٣٠ مليون دولار، قام بانشائه جهاز الأمن والمخابرات في العهد المباد وتم العمل فيه بواسطة شركات تركية، يقع المبنى اسفل كبري كوبر في مبنى ضخم من الكلادن الأزرق الفاخر.
وربما لحسن الحظ لم يتم افتتاحه اثناء العهد البائد، ومع ظهور جائحة كرونا العام الماضي، كافح وزير الصحة الاتحادي وقتها د. اكرم وافتتحه كمركز للعزل، وانزل به كل التبرعات العالمية التي خصصت لمجابهة الجائحة من أجهزة وأدوية وغيرها، ووجه حينها بحرب شرسة من جهاز الامن والمخابرات، الذي رفض الأمر في البداية، ولكنه وافق مجبراً أمام إصرار وزارة الصحة ووزيرها حتى تم استلام المستشفى وبدا كمركز عزل.
وما حدث لاحقاً هو عودة السيطرة من قبل جهاز الامن الذي عاد متحكما في المستشفى بشكل كامل حتى لا ينسب هذا الإنجاز لغيرهم، وتمهيداً لطرد وزارة الصحة باستخدام طرق ملتوية وخبيثة جداً، مرة بتعطيل متعمد للتكييف المركزي عن كامل المستشفى، الأمر الذي يضطر معه المرضى لإحضار مراوح من منازلهم، ومرة أخرى بإغلاق المعمل، ومعروف انه اكبر معمل للتحاليل الطبية بجميع مستشفيات السودان، الأمر الذي يضطر الوزارة لارسال العينات لمعامل خارجية، وتتأخر تبعاً لذلك النتائج مما يؤثر في علاج المرضى وسرعة تعافيهم.
جميع الاجهزه الحديثة التشخيصية والعلاجية موجودة بالمستشفى، من ضمنها جهاز الاشعة المقطعية والذي لم يسمحوا للأطباء باستخدامه بدعوى ان الجهاز مخصص لمنسوبي القوات الامنية وليس لمرضى وزارة الصحة، اي للعساكر فقط اما الشعب (يمشي يدفع عشرات الالاف من الجنيهات عند فضيل او الفيصل على حسابهم الخاص).
السؤال الذي يفرض نفسه بقوة، ما هي القوه التي تنزع هذا الصرح الضخم كماً وكيفاً من أيدي جهاز الامن وتسليمه كاملاً لوزارة الصحة وهي الجهة المعنية لادارة هذا المرفق الضخم والذي بني من قروض على حساب الشعب الممنوع من استعمال كل مرافقه بينما يظل تحت سيطرة من يتحكمون فيه بلا انسانية وهم يميزون بين مواطن وآخر، ويستأثرون بخدماته لصالحهم وصالح أسرهم فقط؟.
الجريدة