صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

أزمات القوت والوقود.. “الجلطة مكانا وين”?!

7

على كل

محمد عبد القادر

أزمات القوت والوقود.. “الجلطة مكانا وين”?!

‏‏‏‏
لم يعد سراً ذلكم الهمس الجهير الذي تتداوله المجالس في بحثها المضني عن تفسير لتناسل أزمات باتت تعيشها بلادنا، يتحدث الناس عن وجود أيادٍ تمارس تأزيم موقف الحكومة وتستهدف بالعراقيل سعيها لتوفير الخدمات للمواطن، قد تكون جهات تستند إلى مخطط كبير ومدعوم أو ربما هو تأثير نيران صديقة تسعى لتصفية حساباتها مع متنفذين داخل الحكومة، لا أحد يعلم، غير أن التحليلات تشير إلى وجود أيادٍ خفية ربما.
لستُ من أنصار تحضير )نظرية المؤامرة( على الدوام لتبرير الفشل والإخفاقات، ولكن تحدث أزمات لا يمكن تبريرها بأي حال من الأحوال، فتجتهد مجالس المواطنين الخاصة في إيجاد تبريرات قد تبدو غير صحيحة للوهلة الأولى لكنها تصدق لاحقاً أو تقترب من الحقيقة.
أكتب هذا الحديث وفي الخاطر )أزمة البنزين( المستفحلة التي نعايشها هذه الأيام، معروف أن الجازولين يحتاج إلى نقد أجنبي ودولار عزَّ وجوده في ظل الظروف الاقتصادية الضاغطة التي تعيشها البلاد، وهو أمر مفهوم وربما يجد التقدير من بعض شرائح المجتمع، ولكن ما بالك بالبنزين الذي ننتج منه ما يكفي استهلاكنا ويفيض للتصدير، ما هو التفسير المنطقي لما يحدث الآن والطلمبات التي كانت تعيش على )حس البنزين( تغلق أبوابها نهاراً وتطفئ أنوارها ليلاً، في مشهدٍ لم نعايشه بهذه الصورة منذ بدء اندلاع الأزمات.
للتو تفهمت مرامي تصريحات وزير النفط السابق على أيام الأزمة الأولى وهو ينكر وجود الأزمة من واقع قراءة الأرقام والتقارير على الورق، لكنه لم يكن يرى في الواقع أن الصفوف في الطلمبات قد أغلقت الشوارع وأثرت على حركة المارة.
لم أجد تفسيراً حتى كتابة هذا المقال من وزارة النفط حول أسباب انعدام البنزين رغم استمرار الأزمة لأيام عديدة، ولا خطاباً رسمياً يحدد الأسباب يوصد الباب أمام التفسيرات ويحاصر الشائعات، ويشفي غليل الأسئلة التي تتناسل كما الأزمات في سعيها للبحث عن تفسير لما يحدث.
علمت من بعض المصادر أن هنالك عطلاً في المصفاة لم يتم الإعلان عنه، ربما يكون هذا الحديث صحيحاً في ظل عدم وجود مبررات للأزمة، إن احتمل الناس أزمة الجازولين في عز أيام الزراعة ولهاث المواطنين وراء المواصلات تقديراً منهم لعدم وجود )دولار( يشتري حصة البلاد لأسباب معلومة، فإنهم لن يستوعبوا أن تكون هنالك أزمة في سلعة يستهلكون منها إنتاجاً يكفي للتصدير.
على أيام أزمة الدقيق الأولى كذلك واكتظاظ الصفوف أمام المخابز، نجحت آليات الدولة في إعادة الأمور إلى نصابها في يومين، لنكتشف بعد ذلك أن الأزمة كانت في )الضمير( وليست في )الدقيق( الذي تدعمه الدولة بنحو 25 مليون جنيه يومياً، وها هي الصفوف تعود مرة أخرى رغم التطمينات.
على الدولة تحسس شرايين نبضها الجماعي ومعرفة أسباب اندلاع الأزمات، فمثل ما عالجت ثغرات تسرب الدقيق في وقت سابق، عليها كذلك معرفة الأسباب الحقيقية لأزمة البنزين، خاصة وأنها لم تطلع المواطن على أي سبب يبرر هذه الأزمة، يقيني أن هنالك شريان )مغلق( في منظومة الإمداد يصيب جسد بلادنا بالجلطة في كل يوم، ابحثوا عنه واضربوا بيدٍ من حديد كلَّ من يتلاعب بالقوت والوقود.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد