صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

أي غل هذا ؟.. 

11

العصب السابع

شمائل النور

أي غل هذا ؟..

خلال تظاهرات الـ (5) أشهر والتي انتهت بالإطاحة بنظام البشير، كان العنف المحفوف بالكراهية الشخصية يتسيّد المشهد. قوات جهاز الأمن التي كانت تقمع وتمارس أسوأ الانتهاكات طيلة الشهور التي سبقت سقوط البشير، كان الجامع بينها شيء واحد، وهو ما لفت انتباه كثيرات وكثيرين ممن كانوا يشاركون في المواكب والمظاهرات باستمرار.
الجامع بين هذه القوات والشارع هو الكراهية، كانت قوات الأمن تؤدي مهمتها القمعية بشخصنة لافتة وكأن قضية شخصية بين فرد الأمن والمتظاهرة أو المتظاهر، لم يكن المحرك الرئيسي لهذا القمع هو مجرد توجهيات وتعليمات، المحرك كان بشكل جلي هو كراهية الآخر، كراهية بشكل شخصي.
الحديث ليس فقط ما حدث مع أستاذ خشم القربة المعلم أحمد الخير ولا الطالب محجوب ولا غيرهم ممن صعدت أرواحهم مهراً لهذه الثورة، الحديث عن التعامل العام بين فرد الأمن والمواطن في الشارع، كانت هذه الحالة “الشخصنة” مثيرة لتساؤلات كثيرين ولم يوجد لها تفسير – هذه الشخصنة-.
بعد عودة خدمة الإنترنت بعد صدور أمر قضائي بذلك، بدأت مقاطع الفيديو الخاصة بمجزرة القيادة 3 يونيو تنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي، وكل يوم يمر سوف يتفاجأ الرأي العام بانتهاكات وفظائع جديدة، وهو أمر كان متوقعاً منذ البداية.
اللافت في هذه المقاطع التي يبدو واضحاً إن الذين وثَّقوا لها هم مرتكبو الفظائع أنفسهم. اللافت فيها أن الكراهية التي كانت تدفع هذه القوات في تعاملها مع المواطنين كانت حاضرة بذات القوة وربما أكثر.
كل الرصاص الذي وقع على رؤوس المعتصمين وكل السياط والعصي التي كانت تضرب بلا رحمة، لم تكن تعمل فقط بأمر التوجيهات والتعليمات، بل كانت قوتها في سلاح الكراهية المحمول بين صدور منسوبي هذه القوات.
كل مهمة قمعية ضد المواطن تشي بكراهية لافتة، كراهية تظهر في كل شيء.
إذا قبلنا بإن هذه القوات مهامها القمع وتربيتها العسكرية تقوم على قمع المدنيين، فلماذا هذه المهام تُؤدَى بهذا الحجم من الكراهية؟.
من السهولة جداً التفريق بين الأداء بمهنية حتى لو كانت هذه المهمة قمعية بامتياز وبين الأداء بدافع الكراهية.
الكراهية سلاح فتاك ومُحرك رئيسي للتفتيت أكثر مما تفعله الأسلحة النووية.
من المفيد مستقبلاً أن تُعاد التربية العسكرية لهذه القوات وإعادة تدريبها ومن الضروري أن يفهم أفراد هذه القوات أن المواطن ليس هو العدو، وأن الحاضنة الدائمة للقوات النظامية في أي بلد هو المجتمع نفسه وليس الحزب ولا الآيدلوجيا. فإن عادى هذا الفرد مجتمعه فلا حاضن له.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد