صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

إدريس وخواطر الرحيل

11

لاجل كلمة

لينا يعقوب

إدريس وخواطر الرحيل


كان كبار الصحفيين عمراً وصغارهم، يسترجعون ذكرياتٍ ومواقف بعد أن عم نبأٌ حزين الأوساط الصحفية بوفاة الأستاذ المربي إدريس حسن.
كان رحيله حزيناً، لأنه أحد رموز المهنة وصاحب مدرسة متفردة قائمة بذاتها، هو صائد السبق الصحفي، ومَعلَم بارز من معالم الصحافة السودانية.
من عمل لدى إدريس حسن، اكتسب من المعارف والمهارات ما اكتسب، فقد كان مختلفاً متميزاً في أي شيء.
كان قادراً على توظيف المحررين في الاتجاه الصحيح، حافظاً لمخابئ الأخبار، متنبئاً بمستقبل الحدث، صارماً لا يجامل.
ذاكرة إدريس حسن كانت حاضرة ومتاحة لنا، ربط الأحداث وتبسيطها.. الأسماء، التواريخ، الأماكن، الأحداث نفسها.
كان رئيس تحريرنا في صحيفة الأخبار عام 2010.. كنت في زيارة إلى الولايات المتحدة لتغطية الانتخابات النصفية، ومن هناك عدت بمجموعة من الأرقام والإيميلات التي تصلح لأن تكون مصادر خارجية مهمة.
قرأت تصريحاً لمسؤول سوداني يتحدث عن جهات رسمية معنية برفع اسم السودان من قائمة الإرهاب غير الكونغرس والبيت الأبيض، وقد ذكر فيما ذكر البنتاغون.
أرسلت بسرعة لمسؤول الخارجية الذي ربطني بعد أيام بمسؤول في البنتاغون وأعطاني تصريحاً.
كنت سعيدة بذلك، وما أن أبلغته حتى سألني “البنتاغون دخلو شنو؟”، وبسرعة فائقة قال لي “الخبر لا يصلح للنشر”.
حزنت جداً وحاولت إقناعه بضرورة نشر الخبر، لكنه كان مصراً، فحسب إدريس، إن كان المسؤول لا يعلم يجب أن لا “نجاريه”
حينما غاب ليومين جددت كتابتي للخبر الذي نزل “مينشيت” في اليوم التالي البنتاغون لـ)الأخبار(: قائمة الإرهاب قانونية وسياسية ولا دخل لنا بها.
ومن وقتها بات يسميني “بنت البنتاغون”.. وظل يعيد على مسامعي ليس مهم من القائل، بل المهم ماذا قال.
عباراته، ظللت أسمعها كلما كبرنا عمراً.. في الورش، الدورات التدريبية، والحياة العامة.
كان يؤمن أن الأخبار تصنع الأسماء، وهو ما جعله حريصاً أن ينبه الصحفيين لكتابة الأخبار من تقاريرهم وتحقيقاتهم.
سيظل أستاذنا الجليل علماً بارزا، تتلمذت على يديه أجيال مختلفة، استطاع بمهارة تعليمها بطرق مختلفة تواكب الجيل نفسه.
ألا رحم الله إدريس حسن وأسكنه فسيح جناته بين الصديقين والشهداء والصالحين، وألزم أسرته وأصدقائه وتلامذته الصبر الجميل.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد