صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

استراحة الجمعة : الوسادة الخالية..

14

صباحكم خير

ناهد قرناص

استراحة الجمعة : الوسادة الخالية..

قصة الكاتب المصري الراحل احسان عبدالقدوس ..القصة الازلية التي فيها تتزوج الفتاة الرجل الجاهز وتترك البطل يعاني الالم والحسرة ..بطل القصة لم يستطع التخلص من طيف فتاته التي هجرته حتى وصل به الامر لوضع وسادة خالية بجانبه يستطيع تخيل طيفها بجانبه ..ما الذي جعلني اتذكر هذه الرواية التي قراتها في متاهات الزمان !…ذلك انني اتواجد هذه الايام في أرض الكنانة ..و(النوم جافاني ) ..ليييه؟ لانني اكتشفت ان الوسادة في (مصر التي في خاطري ) ..وسادة قاسية متصلبة …تسبب (التعسم) بكسر التاء والعين وعلى الناطقين بغيرها مراعاة فرق التفسير …(مخدة )اجارك الله تسبب الام حادة في العنق ..وهي سبب رئيسي للأرق ..لذلك اعتقد ان صديقنا بطل القصة أعلاه كان يعاني من تصلب عظام الرقبة وليس بسبب الحاح طيف المحبوبة التي (خدها الغراب وطار).
قيل ان الفلاحين في اوربا ..ظلوا لعقود طويلة يضعون الوسادة تحت اقدامهم ظنا منهم انها الأحق بالراحة خاصة بعد التعب طوال اليوم في الحقول ..حاولت مجاراتهم ..لكنني لم استطع ..لا احد يحب النوم كما الخفاش ..انقضى الليل وانا (مساهر) ..اتقلب على الوسادة المتصلبة واتنقل بين القنوات عسى ان اجد ريح بلادي ..او ياتيني من الثورة خبر يقين ..الكل يسألني عن الاخبار …حتى الباعة في الطرقات (ازي الحال عندكو؟ ربنا ينصركم بحق جاه النبي ) …اتمتم بامين يارب ..واتساءل كيف يضعون رؤوسهم على تلك الوسائد القاسية ومن ثم يهبون باكرا بنشاط احسدهم عليه وبروح مرحة تجعلهم يطلقون النكات والقفشات كما يتنفسون ؟ ..ربما كانت الجينات لها دور ..لكن قلبي يحدثني ان لتلك الوسائد علاقة ما لجعلهم يغادرون مراقدهم ويسارعون للعمل .
اعود لاتابع الاخبار ..ليس هناك اقسى من مغادرة وطنك في لحظات كهذه ..هي احوج ما تكون فيها اليك …ولو كنت اعلم الغيب لما سافرت ..لكنها الأقدار ترتب نفسها وتاخذني الى بلاد يجافيني فيها النوم لاسباب نفسية وفنية …اتابع المفاوضات التي تنعقد وتنفض ..وثم تعود وتنعقد وتنفض ..مجلس مدني ام عسكري ..رئاسة مدنية ام عسكرية ..اذهب للنوم ..لا استطيع.. اعود مرة اخرى ..مناصفة مدني وعسكري …رئاسة دورية ..لا لم يحدث اتفاق ..انفض الاجتماع ..عادوا مرة اخرى ..مشاهد من ارض الاعتصام ..الناس تقف على أرجلها ..تحبس انفاسها ..تنتظر البشارة ..ولكن الاجتماعات ..لا تنتهي ..!! يذهب المفاوضون الى بيوتهم ليناموا على وسائد لينة ومريحة ملئ جفونهم ثم يعودوا في اليوم التالي ليتفقوا على النقاط التي سبق الاتفاق عليها !! تاركين المعتصمين في الميدان وسكان اعلى النفق يطرقون ليل نهار ..ومن ثم تدور عجلة الاجتماعات مرة أخرى ..وانا مساهر (في عز الليل ..وقت النجمة ترتاح على هدب السحر وتنوووم )..
لذلك وبعد كل الاستطراد اعلاه ..ونظرا للظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد ..وحرصا على زمن الشعب ..خاصة ان الدنيا رمضان وقبايل عيد ..والشغلانة طولت من القيادة الى القصر الجمهوري وبالعكس ..ارى ان يتم حجز وفدي التفاوض في مكان واحد طوال الوقت ..به قاعة اجتماعات تنعقد خلال اليوم يخرجون منها الى غرف نوم توزع لهم فيها وسائد من النوع المصري (اياه) …(تطير) النوم ..وتجعل ليلهم كنهارهم ..وانا متاكدة ان الحل سياتي (باسم الثغر يلوح بالأماني ) ..اتفقوا وارحموا اؤلئك الذين تركوا بيوتهم لأشهر يطاردون حلما بعيد المنال ..اتفقوا رفقا باؤلئك الذين توقفت حياتهم في انتظار الغد الأفضل ..اتفقوا ودعونا ننام بعد طول أرق وارهاق …اتفقوا ياخ ..و(القسم المنام لعيونك ..ليه ما خلى لي نصيب)

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد