صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

استراحة الجمعة: سلطة المغسة

16

صباحكم خير

د ناهد قرناص

استراحة الجمعة: سلطة المغسة

اشتهيت المحشي ..عادي يعني ان تفتح عينك صباحا وتجد ان انفك ملئ برائحة تملا عليك الافق ..(ريحة محشي ) ..بحثت في الثلاجة ..وجدت ربع لحمة مفرومة ..تمام ..ثمة رز مصري ..موجود ..برضو تمام ..الما تمام هو انه لا يوجد خضار للمحشي ..مما يتوجب عليه ذهابي لشراءه ..الاولاد مافي ..وابو هند زاول عمله قبل اسبوع ..يا مؤمن يا مصدق ..تمشيت الى بداية الشارع حيث (راكوبة الخضار) ..الخضار ظازج ومرشوش ..حاجة كدا ترد الروح ..

شرعت (اعزل) في الاسود .(سغار سغار) ..يا ولد ناولني كوسة ..أيوة (سغيرة كدا) …جيب بطاطس ..طماطم ..فلفلية ..المحشي ما ممكن بدون فلفلية ..طيب اوزن لي كيلو بامية ..نعمل بامية مفروكة بالكسرة …اها الحساب كم ..وبكل ثقة فتحت المحفظة لعد النقود ..اذا به ينطق الرقم (800) ..لا ..انت متاكد؟ يا ولدي الخضار بس من غير لحمة ولا رز ؟..يا ولدي الخضار دا مزروع في الجيلي بي هنا يعني لا جاء بالطيارة ولا في خسارة ..ضحك حتى دمعت عيناه (يا خالة انت قاعدة وين ؟..الترحيل من الجيلي لي هنا بي كم ..والله انا جاملتك ) ..مجاملة شنو ؟ وترحيل شنو دا البخلي الخضار بي 800 ؟ جايبنو بي الاير باص ولا شنو ؟..الله غالب بس .. كدي نقص من الكوسة دي …ايوة كمان برضو ضاير لي الاسود دا ..عليك الله انا محشي شنو العلي ؟ ..الويكة دي مالها ؟ قاتل الله الشهية وتعباتها ..

المهم تناولت خضاري الذي اتى بعد طول تمحيص وانتخاب واستبعاد اي ثمرة بها شبهة غلاء ..وتحركت ناحية منزلي وانا اطنطن وحدي ..خضار بي 800 ؟ يعني الواحد ما ياكل محشي ولا شنو ؟ تاني حليلك يا ملك الصينية ..نشوفك الا في بيوت المناسبات ..تخيلوا اننا كنا نسخر من المصاروة في ذلك المحشي المسيخ بتاع الخضلر والرز ..(محشي اورديحي ) بدون لحم ..ها قد اظلنا زمن المحشي بدون خضار ..انه وايم الله (المكشن بلا بصل بي ذاتو و صفاتو) ..

عدت الى منزلي وشرعت في (تقوير المحشي ) ..وسرح فكري بعيدا …ما الذي يرفع سعر الخضار ؟ او اللحمة ؟ كل الاصابع تشير الى السماسرة (ربنا يجعل كلامنا خفيف عليهم )…قرأت قبل فترة بوست اسفيري لسيدة قالت انها زرعت طماطم وارادت تسويقه بسعر (حنين ) لكنها جوبهت بحرب من النوع الثقيل من شيخ السوق ..وهو شخص يقبض بيد من حديد على سوق الخضار وهو الذي يشتري كل الوارد من المزارعين ويبيعه على كيفه بعد ان يضاعفه اضعافا مضاعفة ..شفتوا كيف ؟؟

لماذا لا تكون هناك سوق للمزارعين ؟؟..حتى ولو يوم واحد في الاسبوع ؟ يجتمع فيه صغار المزاراعين في ساحة محددة ..كل ياتي بانتاجه وتكون المعاملة من المنتج للمستهلك مباشرة ؟ اذكر انني كنت اذهب الى سوق المزارعين في مدينة قيسين في المانيا كل اربعاء ..كل مزارع ياتي بمقطورته ..يعرض الفواكه والخضروات …بعضهم يبيعون البيض وعسل النحل الاصلي …منتجات طبيعية وصناعة منزلية ..لاحظ ان الاسعار هناك مضبوطة ولا توجد بها المفارقات التي تحدث هنا ..لكن سوق المزراعين تقليد يحافظون عليه من قديم الزمان ولا يزال.

اكملت (التقوير) ..وتكومت لدي ما اخرجته (المقورة) من بطون الأسود والكوسة والبطاطس ..نظرت اليها مطولا..في غابر الازمان كنت غالبا ما اتخلص منها ..كانت تلك ايام الرخاء ..لكني وجعي على الغلاء والمبلغ الذي دفعته في هذا الخضار …جعلني ارفض ذلك (البذار) الذي كنت امارسه سابقا ..وسارعت باضافة الماء والملح واسلقها ..ومن ثم اضيف ليها زبادي وشطة خضراء وتوم ..و ليمونه ..عندما اجتمعنا للغداء ..ذاقتها ابنتي وقالت (يا ماما سلطة رهيبة ..دي اسمها شنو ) قلت لها بحرقة (اسمها سلطة المغسة )
الجريدة

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد