صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الأمن .. التصحيح وإعادة الصياغة ..

8

مــذاق الحــروف

عماد الدين عمر الحسن
الأمن .. التصحيح وإعادة الصياغة ..

أحداث كثيرة ومثيرة شهدتها البلاد خلال الايام القليلة الماضية بدأت بتفلتات أمنية في مدينة امدرمان وحوادث سرقة ونهب للمواطنين ثم حالات تحرش ليلة الاحتفال برأس السنة ، تبع ذلك أحداث مدينة الجنينة المؤسفة والتي راح ضحيتها العشرات من المواطنين ، واستمرت الاحداث فكان حريق سوق امدرمان قبل أن تشتعل الصراعات القبلية في مدينة بورتسودان مرة اخري وتشهد مدينة الثغر المزيد من القتلي والجرحي وكلها مؤشرات سالبة تشير الي بدايات إنفلات أمني نتوقعه ولكن لانتمناه .
سنفترض أن كل الأحداث المذكورة أعلاه وقعت بتلقائية ودون تخطيط من أي جهة ، وأن الصدفة وحدها هي المسؤلة عن حدوثها في هذا التوقيت بالذات وبهذا الترتيب المتتالي المثالي ، وأرجو أن يتقبل القارئ الكريم هذا الافتراض – علي صعوبته – فقط لننتقل الي النقاط التي تليه ونتحدث عن مسؤلية معالجة تلك الاوضاع أو الإجراءات الاحترازية التي تمنع حدوثها في المستقبل .
دون شك الأجهزة الأمنية هي المعنية في المقام الاول بالتعامل مع مثل تلك الأحداث ، وأي مظاهر سالبة تعني وجود تقصير من تلك الأجهزة في أداء المهام المكلفة بها ، وهو تقصير يحتمل أحد افتراضين : الاول أن يكون عفويا وغير متعمد لإهمال أو خلافه ، والثاني – وهو الأخطر – أن يكون تقصيرا متعمدا ولأهداف معينة لن نخوض في تفاصيلها في هذا المقام ، غير أن النتـائج تكون واحده في كلتا الحالتين بما يجعـل التحرك نحو الحل طريق باتجاه واحد .
لن نضيّق علي الشرطة ، حيث أنها ليست المكوّن الوحيد لأجهزة الأمن ، والمشهود للشرطة السودانية علي مر الزمان الكفاءة وحسن التعامل مع مختلف أنواع القضايا والجرائم ويشهد لها تاريخها الناصع بالكثير من الانجازات ، وهي شهادة من التاريخ قد تبرئ الشرطة كجهاز مهني متكامل – لكنها تضع بعض قياداتها في دائرة الاتهام بشكل مباشر ، حيث يمثل تقاعس الشرطة في الوقت الحالي نقص القادرين علي التمام ، حيث لاينقصها الخبرة ولا الكفاءة ولا الإمكانات اللازمة للقيام بمهمة حفظ الأمن علي أكمل الوجوه ، لكن ذلك لا يحدث .
نقول ، الاسم الرسمي لجهاز الشرطة هو شرطة السودان ، أو قوات الشرطة السودانية وليس شرطة المؤتمر الوطني ، والجيش يحمل اسم قوات الشعب المسلحة وليس اسم جيش الانقاذ الوطني ، حتي جهاز الأمن يحمل إسم جهاز الأمن والمخابرات الوطني وليس مخابرات الحركة الاسلامية ، وعليه تكون أول خطوات التصحيح ضرورة إعادة انتماء تلك الأجهزة الي مسمياتها في المقام الأول ونسبها الي الوطن بشكل كامل قبل إعادة هيكلتها ، ويجب تصحيح مفاهيم الكثير من المنتسبين لتلك الأجهزة بحيث يتحول عندهم الولاء للوطن والمبادئ والقانون ، ولابد من الاستفادة من ذلك الحماس والإخلاص الذي كان يؤدي في بعض الاحيان الي موت مواطن بالتعذيب تحت أيادي أفراد الامن – فقط – لاعتقادهم أنهم يؤدون عملهم علي الوجه الاكمل ، تلك الطاقات إذا وجهت بالشكل الصحيح وأديرت كما ينبغي سيكون الوطن هو المستفيد الاول منها بدون أدني شك .
الحرص وحده دون غيره يقضي بضرورة إحداث تغير شامل في قيادات تلك الأجهزة الأمنية وبعض منسوبيها ممن يُعلم حقيقة إنتماءاتهم السياسية أو الايدلوجية ، حيث يجب أن يكون إنتماء منسوبي تلك الأجهزة لها في المقام الاول ، وللمهنية والوطن وليس لأي جهات أو أحزاب سياسية .

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد