صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الأمن القومي أم أمن المجلس العسكري ؟

12

بشفافية

حيدر المكاشفي

الأمن القومي أم أمن المجلس العسكري ؟

 

 

باغتني أحد المعارف بسؤال مزدوج: ما هو الأمن القومي؟ وما هي المصالح العليا؟ أجبته بسؤال عن سبب سؤاله الذي لم تكن له علاقة بما كنا نتآنس حوله، لقد لفت نظري ما قبل الثورة إكثار الحكومة المبادة وأجهزتها وحزبها من استخدام هذه المفردات، والآن يعيد استخدامها المجلس العسكري ويتحجج بها تبريرا لقطع خدمة الإنترنت، قلت: هذا مبحث كبير وقضية جدلية لا تحيطها إجابة عجلى مني، وأحلته إلى عدد من المراجع والكتب، ثم طفقت أتفكر وأتدبر في ملاحظته الذكية حول استمرار استخدام هذين المصطلحين والتلويح بهما لمصادرة الحريات وتكميم الأفواه رغم الإطاحة بالنظام السابق.
الحقيقة أن هذين المصطلحين أو قل المفهومين، ظلا على الدوام محل جدل واختلاف، خاصة في الدول التي ترزح تحت الحكم الشمولي وسيطرة الحزب الواحد، حيث دائما ما تعمد مثل هذه الدول إلى إدغام أمان حكومتها وحزبها وقيادتيهما داخل الأمن القومي للدولة، وتخلط هذا بذاك لتكسب لنفسها وقياداتها وسياساتها قدسية باطلة لا تستحقها، ثم تحاول عبر هذه الفهلوة باسم عدم المساس بالأمن القومي، أن تقمع أي انتقاد أو هجوم يوجه لسياساتها الخاطئة، وأيضا لتغطية أي ممارسات أو أفعال شائنة وقبيحة، في الوقت الذي تكون فيه تلك السياسات والقرارات المعطوبة وتلك الأفعال السيئة، هي الماسة بالأمن القومي والمنتهكة له وليس تلك الانتقادات وعمليات الكشف والفضح لما تقترفه من فضائح، وما يقال هنا عن الأمن القومي ينطبق على المصالح العليا وقع الحافر على الحافر، حيث تعمد أيضا إلى تذويب الحدود التي يفترض أنها فاصلة بين المصالح الوطنية العليا للدولة، والمصالح الخاصة السفلى التي تخص الحكومة والحزب الحاكم وقياداتهما وليس مصلحة الوطن المفترى عليها وأمنه القومي المجني عليه، وعلى سبيل المثال لم تكن الممارسة البغيضة الظالمة للعهد المباد المسماة (الإحالة للصالح العام) التي لم تتم لأجل أي صالح عام بل كانت لأجل الحزب الخاص والأشخاص المخصوصين، لم تكن هذه الممارسة إلا واحدة من أساليب التخليط بين المصلحة العليا للوطن والمصلحة الخاصة، ومن المفارقات العجيبة أنك قد تجد بعد رصد سريع لبعض السياسات الخاطئة والتوجهات العرجاء والقرارات الهوجاء، أن الحكومة السابقة وليس غيرها هي أكبر مهدد للأمن القومي وأكبر مضر بالمصالح العليا للدولة ولو على طريقة (يظنون أنهم يحسنون صنعا)، ولو أشرنا فقط للدمار الذي أصاب في مقتل بعض المشروعات، نذكر منها على سبيل المثال مشروع الجزيرة وسكك حديد السودان والخطوط الجوية السودانية والخطوط البحرية، لأغنتنا هذه الأمثلة لتأكيد أن ما يمكن أن ترتكبه الحكومة من أخطاء قاتلة وإن كانت بحسن نية، لا علاقة له بثوابت وطنية ولا أمن قومي ولا مصالح عليا، وعلى ذلك قس قرارات وسياسات وتوجهات وتصرفات وتصريحات، وتشكيلات وشركات وهيئات رسمية وشبه رسمية، لا يجوز أن تضفى عليها أية قدسية، بل العكس أن تكون متاحة للنقد والمحاسبة، وهذا ما ينبغي أن يسود وليس ما يحاول الآن المجلس العسكري السير فيه حذو النعل بالنعل اقتداءً بالنظام المقلوع. وخلاصة القول هي أ

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد