صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الإضراب.. نجاح 100 %.. 

11

نبض الوطن

احمد يوسف التاي

الإضراب.. نجاح 100 %..

تشير القراءات الأولية الموثقة بشكل موضوعي لا يتطرق إليه الشك مطلقاً إلى نجاح كبير للإضراب السياسي الذي أعلنته قوى الحرية والتغيير، فقد أحدث الإضراب يوم أمس وفي كل ولايات السودان شللاً شبه كامل في المرافق الخدمية الحيوية مثل قطاعات المصارف والكهرباء والمطارات والمواصلات، وهذا يؤكد بشكل واضح تأثير قوى الحرية والتغيير في الشارع السوداني، وأنها فعلاً تستحق لقب الممثل الشرعي للشارع السوداني المتطلع إلى دولة مدنية تُصان فيها الحريات وحقوق الإنسان وكرامته، ويُحارب فيها الفساد ويُقام فيها العدل بين المواطنين، ويحكم فيها القانون لا القهر والاستبداد والطغيان السياسي، ولعل أبرز مؤشرات النجاح هي الاعتقالات التي تمت أمس لبعض مهندسي الكهرباء ومحاولات المجلس إفشال الإضراب بالقوة والترهيب و (الجقلبة) والارتباك الذي شاهدناه أمس.ثمة ظروف وأجواء تهيأت لنجاح هذا الإضراب في يومه الأول، ولعلي أذكر منها قرار المجلس العسكري الذي ارتد على نحره، وهو القرار الذي أعاد بموجبه نقابات المؤتمر الوطني للواجهة لإفشال الإضراب، فجاءت النتيجة عكسية تماماً، ولعل هذا القرار الكيدي هو ما أثار حماس الشارع السوداني للإضراب، لأن في إعادة نقابات المؤتمر الوطني استفزازاً لإجماع الشعب السوداني الذي خرجت كل مدنه وأريافه لإسقاط نظام استبد وتجبر وأفسد كل شيء، وفي رأيي أن قرار المجلس العسكري بإعادة نقابات المؤتمر الوطني إلى دائرة العمل السياسي لقطع الطريق أمام الإضراب يُعد أكبر هدية يقدمها المجلس العسكري لقوى الحرية والتغيير، وكأنه نسي أن المؤتمر الوطني الذي أفسد الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ما عاد مقبولاً لدى الشارع السوداني الذي اقتلع نظامه عنوة واقتداراً، وأن الاستعانة به خصم على المُستَعان بكل تأكيد… و (كمان المؤتمر الوطني ما صدق وطوالي عاش الدور ونسي حقيقة نفسه)، وتغافل حقيقة بغض الناس له، فدعا عضويته جهاراً نهاراً لإفشال الإضراب وزيادة ساعات العمل لنسفه، فكانت النتيجة عكسية تماماً.إن الحقيقة التي تحب أن تمشي عارية ولا تحتاج إلى ثياب الرياء التي تشف ما تحتها، هي أن قوى الحرية والتغيير تعبر بصدق عن تطلعات الشعب السوداني في الحرية والتغيير والدولة المدنية بكل لوازمها من سلام وحرية وديمقراطية وسيادة حكم القانون والعدالة، وبالمقابل هناك الدولة العميقة التي تريد إنتاج الأزمات والفشل والفساد والاستبداد من جديد، وللأسف الشديد المجلس العسكري اليوم يدعم هذه الدولة العميقة من خلال المواقف والقرارات التي يتخذها ومن خلال استعدائه غير المبرر لقوى هي الآن تمثل الغالبية وتعبر عن تطلعاتها، فإذا أراد أن يحترم المجلس نفسه ويحفظ ماء وجهه ويحتفظ بما تبقى من احترام له في وجدان الشعب السوداني له، فلا يجب أن يقف ضد رغبة جماهير الشعب السوداني في الانعتاق والحرية والكرامة، ولا يضع يده فوق أيدٍ تلطخت بدماء الأبرياء وسرقة المال العام وضياع سيادة وكرامة البلاد ثلاثة عقود من الزمان.ثم يبقى القول عن أن تجمع المهنيين وقوى التغيير واجهات للحزب الشيوعي حديث ساذج يختزل كل ثورة الشعب السوداني العظيمة بكل شموليتها في حزب واحد، وهو حديث ديماجوجي يدخل ضمن وسائل الحرب بين رموز النظام المخلوع والشيوعية، ولا شأن للشارع السوداني به، فالشارع قادر على حماية ثورته من تطرف اليمين واليسار وغلوهما الآيديولوجي، فهي ثورة الشارع السوداني العريض غير المؤدلج.. اللهم هذا قسمي في ما أملك..نبضة أخيرة
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد