صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الإنتحاريون

7

بلا حدود

هنادي الصديق

الإنتحاريون

عقب تسليم قوى إعلان الحرية والتغيير، آليات ترتيب الانتقال للسلطة الانتقالية المدنية القادمة للمجلس العسكري الإنتقالي أمس الأول، تكون الثورة السودانية خطت أهم خطواتها في طريق الحرية والتغيير الحقيقي، وبدأت في ردَ الدين للشهداء أولا، إبتداءا من شهداء سبتمبر 2013 وحتى شهداء ثورة دسيمبر العملاقة. وثانيا التمهيد للسودان الجديد الذي طالب به الملايين وعمل لأجله المئات من عضوية الأحزاب لسنوات قبل أن تتوَجه بالموكب الأعظم موكب 6 ابريل الذي شكَل علامة فارقة في تاريخ السودان.
منذ أيام بدأت القوى الموقعة على الإعلان تجهيزو إعداد المرحلة الثانية من عملها الضخم وتعبيد الطريق أمام الحكومة الوطنية التي نريد، وذلك بإعلانها التسميات للثلاث مستويات الخاصة بالسلطة المدنية الانتقالية، (مجلس رئاسي- مجلس الوزراء- والمجلس التشريعي المدني الانتقالي).
ومؤكد ان هذه الخطوة ستصاحبها الكثير جدا من الصعوبات، فالبداية التي ستواجهها تتمثل في صعوبة الإختيار للمناصب التنفيذية نسبة لكثرة المرشحين من أصحاب (السير الذاتية المحترمة)، سواء أكانوا من داخل الأحزاب السياسية أو منظمات المجتمع المدني، ولعلها ستكون إمتحان حقيقي بالنسب لهم. خاصة إن كانوا (تكنوقراط).
وصعوبة أيضا ستواجه من يقع عليهم الإختيار لتولي المسؤولية التاريخية، فوضعهم لا يقل عن وضع صانعي القرارات داخل القوى التي ستتحمل كافة تبعات إختياراتها مجتمعة.
قوى إعلان الحرية والتغيير مواجهة بإمتحان صعب للغاية في ترشيحاتها من الكم الهائل من المرشحين الذين سيوضعون في طاولة الإختيار ممن يشهد لهم العالم والإقليم بأنهم من أصحاب الكفاءات والخبرات والنزاهة والإستقامة، فالكثير من أبناء السودان سواء أكانوا منظمين سياسيا إو بلا إنتماء، من داخل او من خارج السودان سيتنافسون على مقاعد محودة جدا في الحكومة الانتقالية، وستكون هنالك صعوبة في إختيار الأكفأ والأنسب خاصة في السلطة التنفيذية من وزارات أو مجالس، وربما قادت هذه الإختيارات إلى إحتكاكات وعدم قبول من البعض وربما من ذات القوى، او من الزملاء في ذات المجال، وهذا وارد بحكم طبيعة وفطرة الإنسان، ولكن تبقى العقلانية والإيثار هي المحك وهي الرابح الحقيقي في هذه الخطوة.
تبقى المهمة الأكبر والأهم هي مهمة من يقع عليهم الإختيار لتبوأ مناصب الحكومة الإنتقالية والتي لا أظنها ستكون مقاعد وثيرة كما يظنها البعض، بل ستكون (مقاعد من نار)، فالنظام السابق لم يترك لنا وطنا، بل خلَف وراءه تركة مثقلة بالخراب والدمار في كافة المجالات بلا إستثناء، فلا الصحة ولا السياحة ولا الإقتصاد و لا التعليم ولا الزراعة ولا حتى الرياضة بها ما يشجع اي شخص على تبوأ أصغر منصب بها، إلا إن كان شخصا واثقا من نفسه او (إنتحاريا)، ما يعني أن المجموعة القادمة لتولي مسؤولية الحكومة المدنية الإنتقالية، تستحق لقب(الكتيبة الإنتحارية)، ولابد لنا كمواطنين باحثين عن سودان جديد بمواصفات رسمناها جميعا من خلال ثورتنا الفتيَة وخضبناها بدماء شهدائنا البواسل من التحلي ببعض الصفات، فلابد لنا من الإبتعاد عن (الإنتقاد الأجوف)، وأن يكون إنتقادنا خالي غرض، ولأجل المصلحة العامة، ولنترك فرض الوصاية قليلا لنترك الآخرين يعملون وفق رؤيتهم والموجهات التي يضعونها بواسطة المستشارين كل في مجاله، وبدلا عن شغلهم بمقترحات يمكن أن تكون مدرجة ضمن برنامجهم، لم لا يكون لنا أجر المساعدة والمساهمة غير المشروطة فقط متى ما طُلب منا، فنحن أبناء هذا الوطن، ونحن من أتينا بالمسؤولين عبر تواثقنا على برنامج قوى إعلان الحرية والتغيير. وتقع علينا جميعا مسؤولية نجاحهم أو فشلهم.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد