سيكون رئيس الوزراء وطاقم حكومته أمام اختبار صعب جداً خلال الفترة القادمة.. فليس أمامه خيار ثالث، إما أن يقود البلاد إلى بر الأمان بعد النكسة، أو أن يرجع إلى مقر عمله وإقامته بأديس أبابا، بعد أن يكون خذل الشعب الذي رفع من سقف تطلعاته وتوقعاته للحكومة التي أمن الجميع على أنها حكومة كفاءات وليست محاصصة.
وهو اختبار صعب لأن الرقابة على الحكومة وأدائها لن يكون مهمة المجلس التشريعي فقط. فرقابة الشارع والإعلام الحر ستكون أكثر قوة ومتابعة لكل صغيرة وكبيرة، ولن تكون هنالك مجاملات ولا تغطيات لاي إخفاق.
لذلك اعتقد ان التريث في اختيار من يملأون مقاعد الوزارة أمر في غاية الأهمية، ويتطلب من رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك ان يتأكد من كل الأسماء المرشحة فرداً فرداً دون مجاملة أو تمرير للقائمة الجاهزة المرفوعة من قبل قوى اعلان الحرية والتغيير.. معايير الاختيار يجب أن تبنى على مبدأ الكفاءة وحدها وليس مجرد نشطاء سياسيين عبر الأسافير، فقيادة الدولة تختلف عن قيادة الثورة والدفع بالناس نحو التظاهر.
الأوضاع السياسية الحالية والأزمات الاقتصادية الطاحنة وقضية السلام المعلقة الآن ومعاناة النازحين واللاجئين، كلها تتطلب حكومة متناغمة في مكوناتها ذات خبرة ودراية عالية جداً بكيفية ايجاد الحلول وتنفيذ خطط وسياسات الحكومة التي تقود البلاد الى بر الامان.
لقد عانت البلاد طيلة السنوات الماضية من نهج قرارات الرجل الواحد، لذلك لا يمكن أن ينحصر التفكير في ان د. عبد الله حمدوك هو المنقذ للبلاد لوحده دون النظر الى معاونيه.
صحيح ان فترة ثلاث سنوات ليست كافية لتعافٍ كامل للسودان. والصحيح ايضاً أن حكومة الفترة الانتقالية ذات مهام وتكليفات محددة، لكن المؤكد انها مرحلة حساسة من عمر الوطن تحتاج الى قيادة رشيدة مجردة من الاهواء الذاتية.
اختيار الاستاذ فيصل محمد صالح لقيادة قطاع الاعلام كان اختياراً موفقاً جداً، واعتقد انه مني بارتياح كبير في الاوساط الصحفية والاعلامية، فلأول مرة يتم اختيار شخص من داخل (الحوش) بعيداً عن أية اسباب سياسية او حزبية او جهوية.. ونتمنى له التوفيق ونتطلع الى ان تكون بقية اختيارات الطاقم الوزاري بذات الكفاءة.
