صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الاقتراح المفخخ !!

9

مناظير

زهير السراج

الاقتراح المفخخ !!

* قرأت اقتراحا لحل الأزمة بين المجلس العسكرى وقوى الحرية والتغيير، تقدم به صاحبه لقوى الحرية والتغيير بأن يستملوا مجلس الوزراء والمجلس التشريعى، على أن يتركوا مجلس السيادة على الطريقة التى يريدها المجلس العسكرى .. أى أن تكون الرئاسة والأغلبية في مجلس السيادة للمجلس العسكرى !!
* يقول صاحب الإقتراح الكاتب الصحفى (عثمان ميرغى)، مخاطبا قوى الحرية والتغيير : “أصدروا من من داخل البرلمان قانون الانتخابات.. وافصلوا انتخابات الرئاسة من الانتخابات البرلمانية.. وأعلنوا عن انتخابات رئاسية مبكرة في خلال ثلاثة أشهر فقط، وليس ستة أشهر كما يهدد المجلس العسكري ..
* والحيثيات؛ أن الانتخابات البرلمانية تحتاج لمطلوبات كثيرة منها الإحصاء السكاني لتحديد الدوائر الانتخابية وغيرها من المطلوبات..
* هل تعجز قوى الحرية والتغيير وخلفها كل هذا الزخم الثوري الهادر أن تقف خلف مرشح واحد لتنصبه رئيساً وتنهي كل هذه الضجة حول مجلس السيادة؟
* في تقديري، هذا السيناريو وبضربة واحدة يصطاد كل العصافير التي في الشجرة.. فهو من جانب يثبت رأساً للدولة آت من رحم صندوق الانتخابات يحسم مسألة الشرعية الجماهيرية مبكراً .. ويقدم للمجتمع الدولي صورة حضارية راقية للسودان أنه يستطيع التعافي من أزماته السياسية – في عهد الثورة المجيدة- بمنتهى الرشد والحكمة دون إراقة نقطة دمة واحدة” إنتهى.
* قبل التعليق على الاقتراح اود ان أسأل مجددا قوى الحرية والتغيير عن طبيعة صلاحيات وسلطات المجلس السيادى التى قالت انها اتفقت مع المجلس العسكرى على ان تكون (رمزية وتشريفية) فقط، ثم ظلت في حالة نزاع حاد معه حول هذه السلطات التشريفية لدرجة امتشاق السيوف والاقتتال بدون ان تفصح عنها لأحد، وظلنا نراقب المعركة التى تدور بين الطرفين بدون ان نعرف على ماذا يقتتلان، ولماذا الإقتتال على صندوق فارغ إذا كانت هذه السلطات (تشريفية)؟!
* نأتى الآن للإقتراح الذى يبدو من الخارج حديقة جميلة من الزهور، ولكنها محتشدة في الداخل بالأشواك والافخاخ المميتة، ربما لم ينتبه لها صاحب الاقتراح، تتمثل في لب الإقتراح وهو اللجوء للانتخابات لفض النزاع حول المجلس السيادى او (رئاسة الدولة) بين المجلس العسكرى وقوى الحرية والتغيير !!
* يعرف الجميع ان التحالف بين مكونات قوى اعلان الحرية والتغيير التى تضم عشرات الاحزاب والكيانات والتجمعات، هو تحالف تكتيكى فقط لاسقاط النظام وإزالة آثاره والتأسييس لدولة مدنية ديمقراطية، ينتهى بنهاية الفترة الإنتقالية التى لا يتخللها أى تنافس إنتخابى على المقاعد او المناصب، وإستمراره رهين فقط بإنجاز تلك المهام!!
* قيام إنتخابات بعد ثلاثة اشهر فقط من بداية الفترة الانتقالية على منصب مهم (رئاسة الدولة)، وقبل أن تشرع القوى المتحالفة (قوى اعلان الحرية والتغيير) في إنجاز مهام المرحلة الإنتقالية، قد يضع حدا لهذا التحالف بشكل نهائى، ويؤدى لتفككها وعدم انجاز اى تغيير يذكر، لسبب في غاية البساطة هو تعارض المصالح الاجتماعية والسياسية للقوى المتحالفة (وهو أمر طبيعى ولا ضير فيه) والذى لن يسمح لها بالاتفاق على مرشح واحد لمنصب الرئاسة، كما يتخيل أو يتمنى الأخ عثمان ميرغنى، وبالموافقة على قيام تنافس انتخابى بين مكونات التحالف نكون قد وضعنا مصير الفترة الانتقالية في كف عفريت !!
* يقترح (عثمان) ان تتنازل قوى الحرية والتغيير للمجلس العسكرى خلال فترة الثلاثة اشهر الأولى عن الغالبية فى المجلس السيادى ورئاسته، فما الذى يضمن ان تكون تصرفات وقرارات المجلس العسكرى خلال تلك الفترة في صالح التغيير، ولقد شهدنا من المجلس العجب خلال الاربعين يوما الماضية؟!
* ثُم من يضمن عدم تدخل المجلس العسكرى فى انتخابات الرئاسة، بطريق مباشر او غير مباشر، ليفوز مرشح يضمن حماية مصالحه او مصالح الجهة التى يمثلها على غرار تجربة (السيسى) في مصر الذى اتت به القوات المسلحة المصرية لتحمى مصالحها وتسيطر على السلطة، خاصة مع قصر المدة المقترحة للفترة الإنتقالية الأولى التى لن تُمكن القوة الحزبية والاجتماعية المختلفة ان تجهز نفسها بشكل جيد او تتفق على مرشح واحد، أو ربما يعطل المجلس قيام الإنتخابات بأى حجة، إذا رأى ان الأمور لا تسير في صالحه!!
* الازمة الحادة بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكرى ليست في الطريقة التى يتم بها اختيار الرئيس او المجلس السيادى (سواء بانتخابات، أو اتفاق او مفاوضات، وإنما في تعارض المصالح بين الطرفين الذى يعيق التوصل الى اتفاق، وإذا أردنا التوصل الى حل علينا مخاطبة هذا التعارض وليس الوسيلة التى يتم بها اختيار المجلس السيادى او رأس الدولة !!
* أخلص من ذلك الى أن المقترح لن ينجم عنه سوى اضاعة الزمن وشراء المزيد من الوقت لفرض هيمنة المجلس العسكرى، وسيطرته على مقاليد الامور في البلاد وتفكيك قوى التحالف، وإعاقة تحقيق التغيير المنشود .. !!

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد