صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

البطش المتوارث انقلابا عن انقلاب 

22

بشفافية – حيدر المكاشفي

البطش المتوارث انقلابا عن انقلاب 

لم تكتف القوات الأمنية بما مارسته من عنف مفرط على متظاهري الثلاثاء الماضي السلميين، ما أوقع عشرات الاصابات بعضها في وضع حرج، وانما ظلت تطاردهم بوحشية داخل الأزقة والمباني التي احتموا بها، وكانوا يقودون سيارات (التاتشر) بشكل هيستيري على طريقة أفلام الكابويات، بل وطاردتهم حتى داخل المستشفيات التي حمل اليها المصابون لتلقي الاسعافات، اذ اقتحمت هذه القوات بشكل همجي وبربري وكأن بينها وهؤلاء الثوار (تار بايت)، حيث شهدت هذه الاقتحامات عدد من المستشفيات في وسط الخرطوم، من بينها مستشفى فيصل التخصصي واعتقلت عددا من المحتجين كانوا يتلقون الإسعافات بداخلها، جراء ما لحقهم من اصابات وحشية، ويعيد هذا المشهد الوحشي واللا انساني في التعامل مع الاحتجاجات الشعبية السلمية، ما كان يحدث خلال العهد البائد (صورة طبق الأصل) ووقع الحافر على الحافر، الأمر الذي يؤكد ان العقلية الأمنية ظلت كما هي موروثة من العهد البائد، ومتمددة من لدن انقلاب المخلوع البشير والى انقلاب البرهان الحالي، وكأن لم تكن هناك ثورة كان وسيظل أحد أهم اهدافها بسط الحريات كاملة وعلى رأسها حرية التعبير والتظاهر والاحتجاج السلمي، ولم يطرأ أي تغيير على عقيدة هذه القوات المصادمة لمبادئ حقوق الانسان والتي تضعهم تحت طائلة عقوبات القوانين الدولية..

لقد شهدنا خلال سنوات النظام البائد العجاف، كل صنوف وفنون البطش والتنكيل والعسف والعنف المفرط المميت، ومصادرة الحريات وقمع الرأي الآخر، وكان المأمول بل ما هو مفترض بعد الثورة التي كان أحد أهم أسباب اندلاعها كفالة الحريات وتمكين الجماهير من التعبير عن آرائها، ولكن للأسف حدثت ردة كبيرة عن كل شعارات وأهداف ثورة ديسمبر بعد انقلاب البرهان، لتعود الأوضاع الى ما كانت عليه خلال العهد المباد (وما أشبه ليلة انقلاب البرهان ببارحة انقلاب البشير)، وكأنما كان هدف الانقلاب هو اجهاض الثورة والعودة الى ممارسات وسياسات النظام الذي اطاحته الثورة، بل واعادة بعض منسوبيه لتسيد المشهد وادارة دفة العمل بالدولة، وقد اتضح ذلك من قرارات الفصل والتعيين التي أمضاها قائد الانقلاب البرهان، كما عادت آلة البطش والعسف سيرتها الأولى كما كانت خلال العهد البائد، بما في ذلك مطاردة الثوار في الشوارع والأزقة وداخل المستشفيات والبيوت والمساجد، واستهداف المتظاهرين في أماكن قاتلة، والقاء قنابل الغاز المسيلة للدموع بكثافة حتى داخل الدور، كما حدث لصحيفة السوداني الدولية التي أمطروها بوابل من تلك القنابل، ولم تجدي معهم لا رجاءات ولا تعهدات رئيس الوزراء العائد الى منصبه بقرار وقع عليه مع قائد الانقلاب، في أن يكفوا عن البطش والعسف في التعامل مع المتظاهرين، ولكن يا حمدوك اسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي، وكأنك تخاطب صم عمي بكم لا يأبهون لك ولا يقيمون لك وزنا ولا يأتمرون بأمرك، وانما الأمر كله بيد الانقلابيين البرهان ومجموعته..ولله الأمر من قبل ومن بعد ولا حول ولا قوة الا بالله..

الجريدة

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد