صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

التوم خاتيهو اللوم

19

للعطر افتضاح

د.مزمل ابو القاسم

التوم خاتيهو اللوم

* ضجة كبرى أثارها التصريح الذي أدلى به البروفيسور محمد الأمين التوم، وزير التربية والتعليم، عن أن امتحانات الشهادة السودانية كانت تطبخ بليلٍ، بمعالجات إحصائية، تستهدف تمكين بعض الراسبين من النجاح، لتحسين المحصلة النهائية لهم في بعض المواد.
* تراوحت ردود الأفعال بين الإنكار التام لحديث الوزير، والإقرار بصحة بعض ما ورد فيه، مع التركيز على جرد الأضرار التي قد تتعرض لها سمعة واحدة من أعرق الشهادات الأكاديمية في العالمين العربي والأفريقي.
* معظم من اتهموا الوزير بأنه تحدَّث من منصةٍ سياسية سعياً منه لإدانة النظام السابق، تحركوا من المنصة نفسها، مستهدفين النظام الحالي، لأن إنكار حالات التلاعب والغش التي تعرضت لها الشهادة السودانية خلال السنوات الأخيرة مستحيل.
* غش أثبتته الوقائع، وشهد عليه ما حدث لامتحان مادة الكيمياء في العام الماضي، وأكدته فضيحة كشف الامتحانات لطلاب أجانب، شرعوا في التوافد على بلادنا بالآلاف فجأةً، وسددوا رسومهم بالدولار كي يخضعوا لامتحاناتٍ موصوفةٍ بالعُسر، وتفوق في صعوبتها ما يخضع له أولئك الطلاب في بلدانهم الأصلية بكثير.
* استبانت حقيقة التدليس بواقعةٍ صادمةٍ، حدثت في إحدى مدارس الخرطوم، واتضح بها أن أولئك الطلاب كانوا يحصلوا على إجاباتٍ نموذجية، عبر تقنيات اتصال متطورة، ربطتهم بآخرين، رابطوا خارج مراكز الامتحانات لتمكين الغشاشين من نيل مرادهم، وتحقيق النتائج التي ضربوا من أجلها أكباد الإبل، وأنفقوا من أجلها المال بالدولار الحار.
* المؤسف حقاً أن من ثبت تجاوزهم، وتأكد تورطهم نالوا عفواً رئاسياً لا يستحقونه، وتم السماح لهم بالعودة إلى بلدانهم من دون محاكمة، وقبل أن يحددوا هوية من باعوا لهم ضمائرهم بالمال، وأعانوهم على الغش بعد التسريب، وأدت تلك (الحِنيّة) المريبة إلى إفلات المعاونين من العقاب.
* بعدها وثقت صحف الخرطوم وقائع غش جماعي، حدثت في مراكز للامتحانات ببعض القرى، حيث يتم حل الامتحانات للطلاب في السبورة، ووقتها اقتصر رد فعل الوزارة على نفيٍ خجول، لم تعقبه أي إجراءات تَقَاضٍ ضد من نشروا تلك المصيبة الكبيرة.
* بعد ثبوت واقعة تسريب امتحان الكيمياء في العام الماضي طالبنا وزيرة التربية والتعليم بالاستقالة، فأتى الرد ببيان تبريرٍ فطير، صدر مضطرب اللغة، زاخراً بالأخطاء الإملائية والنحوية، ليؤكد ضعف كفاءة من تربعت على قمة هرم الوزارة، نتاجاً لخطل سياسة توزيع الحقائب الوزارية بالمحاصصات الحزبية.
* ما ذكره البروف محمد الأمين التوم صحيح لا يقبل النقض، مؤكدٌ لا يحتمل النفي، ومثبت بوقائع وثقتها مضابط الشرطة، وشهدت عليها تحقيقات جهاز الأمن، الذي كرَّم المعلمة التي ضبطت عملية الغش الجماعي لطلابٍ عربٍ، أتونا كي يشتروا شهادتنا بالمال.
* تصحيح الخلل يبدأ بالإقرار به، والواقع يؤكد أن الشهادة السودانية تعرضت إلى تخريبٍ منظم، وتلاعبٍ كريه، وتشويهٍ قبيح، أثر على قيمتها، ولطَّخ سمعتها، وهدد قيمتها، بعد أن ارتبطت في أذهان السودانيين بالتفوق والنزاهة والإتقان عبر السنوات.
* (بروف التوم خاتيهو اللوم).
* حديثه صحيح، وإفاداته سليمة، ومسنودة بحقائق دامغة، ووقائع مثبتة، لا تقبل المكابرة، ولا تحتمل الإنكار.
* نحيي الوزير على جرأته، ونقدِّر دوافع صراحته، ونطالبه بأن يبدأ مسيرة التصحيح من فوره، كي يعالج الخدوش التي شوهت سمعة واحدة من أعرق الإجازات العلمية في المنطقة، ويعيد للشهادة السودانية ألقها القديم، وصيتها المُقيم.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد