صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الجابرية .. تحي الثورة

7

صباحكم خير

ناهد قرناص

الجابرية .. تحي الثورة

والعبارة أعلاه للراحل محمد الحسن حميد ..هي عنوان قصيدة كتبها بعرق الكادحين ..
والجابرية بلدة صغيرة في شمال السودان ..يمتهن اهلها الزراعة منذ سالف الازمان ..يعيشون حياة بسيطة ولا يطمعون في اكثر من حقوق الانسان العادية في التعليم والصحة والعيش الكريم ..ومطالبهم التي ذكرها حميد هي غاية احلامنا ..فقد تركنا باكرا الحلم بناطحات السحاب وقطارات المترو ودور الأوبرا ..وان كنا ندعو ان يعيش ابناؤنا ليروا تلك الأحلام واقعا معاشا…حميد لخص متاعب ابناء السودان جميعا ..اهل الهامش الذي استطال ليعم كل أرجاء السودان ..واستشرى حتى لحق بحدود العاصمة ..حميد كتب بلسان اولئك الذين لا يملكون حوائط فيس بوك ولا منصات تغريد على التوتير .. قال حميد:
الجابرية تحي الثورة عايزين (بوسطة) ومدرسة وسطى والشفخانة وسوق منضبطة لو تمعنا في الكلمات ..لوجدنا بعدا ثالثا لحروفه …عايزين بوستة ..والبوستة ليست فقط تلك الخطابات التي كانت تحمل في طياتها حنين الاهل وشوقهم ..لكن البوستة جهة توثيقية لازمة لكل مخاطبات ومراسلات الجهات الرسمية ..ولا تزال مؤسسات البريد في كل انحاء العالم تعمل بكفاءة عالية . حين تقوم بمراسلة أي جهة الكترونيا لملء وظيفة ..او طلب دراسة او الانخراط في دورة تدريبية ..كل المراسلات التي تتم الكترونيا ..لابد ان تلحقها مراسلات ورقية تتم بالبريد الرسمي ..كل المراسلات الرسمية بين الوزارات والمؤسسات ..كل الاوراق البنكية ومعاملات المال تتم بالبريد ..والاحتفاء بالدولة الالكترونية ..لا يعني الغاء التوثيق الورقي ..اذ ان الملفات الورقية هي الضامن وهي الشاهد في حالة توجيه تهم او اي اخلال في تحمل المسؤولية.
مدرسة وسطى ..والمدارس المتوسطة التي بالغائها انهار التعليم قبل الجامعي ..كأنك قد اخذت معولا وعملت تكسيرا في عمود يتوسط المنزل ..فانهار السقف على من فيه ..لكني أذهب أكثر وأقول ان الغاء التعليم الوسيط كان وبالا على منهجية التعليم باكمله .. المعاهد الوسيطة ..تلك التي تمنح الدبلومات والمدارس التي كانت ترفد البلاد بالحرفيين المهرة ..والفنيين المؤهلين ..تحويلها الى جامعات خلق فراغا في سوق العمل وصار العثور على فني او تقني محترف ..كمن يبحث عن أبرة في كوم قش ..بلاد مثل المانيا بنت مجدها على اكتاف اصحاب الدبلومات الوسيطة ..وأغلب الناجحين في امتحانات الثانوية ..يتوجهون لنيل الدبلوم لينزلوا الى سوق العمل بعد ثلاث سنوات ..لن تجد هناك ممارسا لمهنة لم يدرسها ..(جربندية مافي ) ..
والشفخانة ..(ياحليل ايام الشفخانة) ..وهي المراكز الصحية التي كانت في الأحياء ..تعالج الامراض البسيطة وتتابع فيها تطبيب الجروح وتتم فيها التطعيمات.. تجد بها علاج الملاريا والدوسنتاريا والالتهابات ..كان هناك مساعد طبي متمرس ..يعرفه كل اهل الحي ..وهو يمثل طبيب الحي ..والشفخانة كانت تغطى أغلب الحالات (الباردة) ..ولا تذهب الى المستشفى الا تلك التي تستحق متابعة اختصاصي.
اما السوق المنضبطة ..فهي قصة اخرى ..اذ لا ادري كيف تعود تلك الأيام التي كانت فيها تسعيرة يلتزم بها كل التجار ..السوق صار كما المارد الذي تم اطلاقه من قمقمه ..وصعب علينا أن نعيده مرة اخرى ..ربما نحتاج الى قوانين رادعة للمخالفات ..واستئصال ظاهرة السمسرة ومكافحة احتكار بعض التجار للسلع المهمة .. هذا غير ضبط السوق الأسود
الذي أطلق عليه ( اسم دلع )في آخر الايام وأصبح يدعى السوق الموازي …
مطالب الجابرية تمثلنا جميعا ..اما كيف تصبح واقعا ….فقد ترك حميد لنا خارطة طريق وروشتة العلاج ..عندما قال ما بنصفكن الا ضراعكن ..عبو ضراعكن يا رجالة وخلو بصركم دغري وسالم ويا حميد ..رحمة الله تغشاك في الخالدين

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد