صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الحصة قانون

11

للعطر افتضاح

د.مزمل ابو القاسم

الحصة قانون


* لنضع الأمور في نصابها الصحيح، ونذكِّر المحتجين والناسين والمُولولين، بأن توقيف علي الحاج وإبراهيم السنوسي ورفاقهما للتحقيق معهم في قضية انقلاب الإنقاذ 1989 لم يتم بقرارٍ سياسيٍ، بل حدث نتاجاً لدعوى قضائية، تم رفعها في شهر مايو الماضي بأمر أربعة قانونيين بارزين، هم علي محمود حسنين رحمة الله عليه، وكمال الجزولي، وتاج السر الحبر، ومحمد الحافظ محمود، واتهموا فيها العميد عمر حسن أحمد البشير وأعضاء مجلس قيادة الإنقاذ وبعض قيادات حزب الجبهة الإسلامية القومية بتقويض النظام الدستوري، والانقلاب على سلطة شرعية منتخبة ديمقراطياً، بمخالفة بيِّنة للمادة )96( الفقرتين )أ/ج( من قانون العقوبات السوداني للعام 1983.
* لم يكن بمقدور النيابة كجهاز مستقل أن تتجاهل الدعوى، ولم يكن باستطاعتها أن ترفض التحقيق، لأنها مُلزمة بتوقيف المتهمين للتحري معهم، حول الاتهامات الموجهة إليهم، وقد فعلت ذلك بطريقة متحضرة، لم تحوِ أي انتهاك لحقوق المتهمين.
* لا تعسفت في إجراءات توقيفهم، ولا أهانتهم، ولا سمحت لجهاز الأمن بتعذيبهم وضربهم بأعقاب البنادق، ولا حرمتهم من التمتع بالدعم القانوني اللازم، ولا انتهكت حقوقهم، ولا تشفَّت فيهم مثلما كان يحدث لرصفائهم الذين واجهوا اتهاماتٍ مماثلةً في العهد البائد، وكان مصير بعضهم التحقير والتعذيب والسجن لسنوات طويلة )بلا إدانة(، والإعدام رمياً بالرصاص، أو غرساً للمسامير في الرؤوس!
* لا خلاف على أن الفعل المنسوب للمتهمين يشكل جريمةً يعاقب عليها القانون الساري وقتها، وبالتالي لا يوجد ما يبرر الهجوم على قوى الحرية والتغيير بخصوص الدعوى، إلا إذا افترضنا فيها أنها تستطيع أن تنتهك استقلالية النيابة، لحضها على رفض التحقيق في الدعوى، ولو فعلت ذلك لأصبحت متهمةً بتجاوز القانون، ولاستوجبت الملاحقة من النيابة نفسها.
* من يتهمون مولانا تاج السر الحبر، بأنه أصبح الخصم والحكم، لأنه كان من بين الذين رفعوا الدعوى، نذكِّرهم بأنه فعل ذلك قبل تعيينه نائباً عاماً بعدة أشهر، كما أن منصبه الجديد سيفرض عليه الانسحاب منها، والامتناع عن التأثير عليها بأي نهج، ولو حاول أن يفعل ذلك لما لقي استجابةً من فريق التحقيق، الذي يضم عدداً من أكفأ وأنزه وكلاء النيابة في السودان.
* لا جدوى من إصدار البيانات، وعقد المؤتمرات وإطلاق التصريحات الناقدة للإجراءات التي اتخذتها النيابة، وعلى المتهمين أن يجهزوا دفوعاتهم القانونية، ومن حقهم أن يستعينوا بمن يشاءون من المحامين، لإثبات أنهم لم يتورطوا في تدبير الانقلاب وتنفيذه، سيما وأنهم كانوا يشغلون مواقع قيادية في التنظيم السياسي الذي خطط ودبَّر واستعان بضباطٍ ازدروا القانون الذي يحكم عملهم في القوات المسلحة، وانتهكوا قسماً مُغلَّظاً، يلزمهم بحماية النظام الدستوري القائم وقتها، وصون السلطة المنتخبة بأمر الشعب.
* قد نتفهم مسوغات التساؤل عن مبادرة النيابة باعتقال سياسيين، قبل إقدامها على توقيف ضباط شاركوا فعلياً في تنفيذ الانقلاب، لأن الاستفسار عن عدم ضبطهم يحوي منطقاً معقولاً، لكننا لا نستوعب لومها على مباشرة التحقيق في واقعةٍ تشكل جريمةً مروعة، دفع السودان كله ثمنها غالياً، ومن الطبيعي أن تتم ملاحقة المتورطين فيها ومحاكمتهم عليها، ومعاقبتهم بصرامةٍ، تجعل منهم عظةً وعبرة لكل مغامرٍ تسوِّل له نفسه اقتفاء آثارهم.
* كفوا عن الولولة، لأن بياناتكم واحتجاجاتكم ومؤتمراتكم الصحافية لن تغني عن المتهمين شيئاً، في مواجهة اتهامٍ أقرت بصحته الجبهة الإسلامية نفسها على لسان قائدها السابق، الدكتور حسن الترابي رحمة الله عليه بصحته، واعترفت بأنها دبرته بليلٍ، وقصدت به وتقويض النظام، والانقلاب على سلطةٍ شرعيةٍ نالت تفويضاً من الشعب، عبر انتخاباتٍ شهد العالم كله على استيفائها لكل شروط النزاهة.
* الحصة قانون، وعنوان الدرس )إنصاف الضحايا وترسيخ مبدأ عدم الإفلات من العقاب(.. انتهى البيان.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد