صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الست أمينة

13

صباحكم خير

ناهد قرناص

الست أمينة

ست امينة زوجة السيد (أحمد عبد الجواد) في ثلاثية نجيب محفوظ الشهيرة ..صارت رمزا للمراة المطيعة التي لا تعرف شيئا عما يدور حولها …ولا تطالب بتلك المعرفة ..على حد قول المصريين (كافية خيرها شرها) ..حياتها كلها عبارة عن جولات مكوكية بين المطبخ والفرن وغرف اولادها ..وزوجها خارج المنزل يعيش حياته بالطول والعرض ..وهو بين اصدقائه (فاكهة المجلس ) ..ولكنه اذا دخل بيته سكت الناطق وكف اللاعب . نموذج الست امينة صار مثالا لكل من اختار (المشي جنب الحيط) ..وفضل البقاء خارج حلبة الصراع ..لكن يبقى السؤال هل كان ذلك اختيار امينة ؟ ام انه الواقع المفروض عليها من قبل سي السيد الذي أغلق كل المنافذ وسد كل مداخل الضوء الى حياتها .
الشعب السوداني في الآونة الاخيرة كله صار في موقع الست أمينة ..كلنا قاعدين في انتظار ان يقرر البعض في أمرنا ..تجدنا نتسائل (اها مافي أخبار ؟) ونحاول بقدر الامكان تحليل الاحداث والخروج بنتائج مطمئنة ..قبل اعلان اتفاق اديس ابابا ..قرات ما اضحكني في صفحة اسفيرية بان هناك بشريات قادمة..كيف عرفت ذلك ؟؟ اذ ان سعد الدين حسن قد قال ان هناك اصوات تصفيق وتعابير مفرحة صادرة من غرفة الاجتماع في اديس أبابا) ..الله يبشرك بالخير يا سعد الدين ..اذ اننا لو كنا شعبا يحسب حسابه لكانت هذه المشاورات علنية ..او على الأقل يصدر عنها تقرير رسمي كل فترة ..لكن نقول ايه ..كنا الغريق الذي تعلق بقشة ..وتفرحه اصوات مرحة صادرة من خلف الأبواب ..الله غالب
..اما اذا دار محور سؤالكم عنا داخل البلاد ..لا احد يستشيرنا في الاحداث ..استشارة ؟ هل قلت ذلك ؟ لا احد يخبرنا ما الذي يحدث حقيقة ..في شنو يا جماعة ؟ ما حقيقة الانقلابات التي صارت مثل كورس المضاد الحيوي مرة كل ثمانية ساعات ..من وراء هذه الانقلابات ؟ ولماذا لا نسمع عن محاكمات لهم ؟ واين هم الجنود الذين شاركوا في هذه العمليات ؟ والمضحك المبكي هي اخبار الاعتقالات لرموز الحكم السابق ..(الجماعة ديل مش كانوا معتقلين ؟ ) ..وللا كيف ؟؟ من تراه يأتينا بما يحدث خلف زنانين السجون ؟ ماذا يدور في ثكنات العساكر ؟ هل من مجيب ؟ ؟
البلد في حالة تجمد لكل شئ منذ شهر ابريل وحتى كتابة هذه السطور ..كل المؤسسات في انتظار تكوين حكومة …كل الاجراءات متوقفة ..الناس في حالة صفوف ..رغيف ..كاش ..بنزين ..الدراسة معلقة في اغلب الجامعات ..هناك من ضغط على زر ( pause) لهذه البلاد ومن ثم ذهب لينام او يلعب دومينو مع اصدقائه في مكان ما ..ها نحن نوجه النداء لكل من يعرف ذلك الذي بيده الريموت ان يتعطف علينا ويحرك الاحداث او على الأقل يشرح لنا اين هي المعضلة ؟..وما الذي يجري حقيقة ؟ ..ولو هناك مشكلة اطرحوها علنا ربما نستطيع المساهمة في حلها ..لاتنسوا اننا ذلك الشعب الذي خرج بالملايين واسقط حكومتين ..وعلى استعداد للخروج مرات ومرات حتى نصل الى حكومة مرضية لغالبية الشعب ان لم يكن كله.
احكوا لينا يا جماعة ..يا من بيدهم الريموت ..نحن ناس كبار و فاهمين والله ..وشعب صابر وشجاع ..استطعنا الخروج من احداث الاثنين الأسود ونحن أشد قوة وبأسا ..ونستطيع خوض غمار ما هو اصعب واشد ..بس نكون عارفين الحاصل ..وعلى دراية بما يحدث ..الست امينة في الثلاثية ..كانت على الأقل تعرف ما يدور داخل بيتها ..وهي التي تقرر ما ستطبخه وما ستضعه على المائدة ..كانت لها دائرة صلاحيات صغيرة تتمتع بها ..اما نحن الشعب السوداني ..لا نملك من أمرنا شيئا ..ولا ربع صلاحيات ست أمينة ..وفوق هذا وذاك لا ندري ماذا سيقرر بشأننا ..وعندما نحاول تصيد بعض الأخبار التي تخصنا تجدنا نصطدم بحائط مسدود ونجد انفسنا (نتلصص السقيا من فارغ الأكواب)

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد