صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

العقود..!!

9

اليكم

الطاهر ساتي

العقود..!!

:: قبل عام تقريباً، سألت الدكتور جلال شليه، وكان المدير العام لهيئة الموانئ البحرية، ومهندس العقد الموقع مع الشركة العالمية الفلبينية، عما يحدث في ميناء بورتسودان الجنوبي، فقال بالنص: )لن يحدث شيء في كل الموانئ غير تطويرها بشراكات أجنبية، إذ ليس هناك خصخصة ولا تشريد للعمالة ولا بيع للميناء كما يظن البعض(، ونشرت حديثه.. ولكن ما يثير توجس الناس – اليوم – من هذا العقد المثير للجدل هو )غموضه( ومصير العاملين وحقوق الأهل بولاية البحر الأحمر..!!
:: نعم، ليس هناك ما يمنع تطوير الموانئ بالشراكة مع القطاع الخاص الوطني والأجنبي، وهكذا تفعل كل دول الدنيا والعاملين.. ولكن الشاهد أن الصوت الرافض لإشراك القطاع الخاص في تشغيل وإدارة الموانئ البحرية يبدو )عالياً( بالبحر الأحمر، فلماذا؟.. تخطئ السلطات الحكومية لو ظنت بأن هناك من يرفض تطوير الموانئ وجذب القطاع الخاص إليها، فمن وحي تجارب تكدس الحاويات وترهل العمالة وضعف الموارد، فإن القطاع الخاص هو الحل لتجاوز كل أنواع الفشل والعجز والتردي بالموانئ..!!
:: ولكن ما يُعيب العقد الموقع مع الشركة الفلبينية هو غياب أهم العناصر.. الشفافية.. وعلى سبيل المثال، ما مصير العمالة؟، وكم قيمة العقد؟، وكم منها مدفوع مقدماً؟، وكم تدفع شهرياً؟، و كم فترة العقد؟، وهل هو عقد تشغيل أم تشغيل وتطوير؟، وهل التشغيل بآليات الموانئ البحرية أم سوف تجلب الشركة آليات حديثة؟، وهل على الشركة مسؤولية اجتماعية أم لا؟، وهل لولاية البحر نسبة من قيمة العقد أم لا؟.. والكثير من الأسئلة المشروعة إجاباتها )مغيَّبة(، وكان يجب تمليك إجاباتها للرأي العام، قبل العاملين بالموانئ قبل التوقيع..!!
:: ويوم الثلاثاء الفائت، بعد أن دخلوا في إضراب عن العمل لمدة أربع ساعات، ذهب إليهم وزير النقل حاتم السر وهناك نفى وجود أي اتجاه لتشريد أو تهميش العاملين، موضحاً حرص الدولة على حقوق ومكتسبات العاملين، وبأن الاتفاق الذي تم التوقيع عليه مع الشركة الفلبينية يخدم مصلحة السودان في مجال النقل البحري، والاستفادة من الخبرات العالمية لمواكبة التطور والتنافس العالمي.. حسناً.. إن كانت الاتفاقية بكل هذه المثالية، فما الذي يمنع السادة المسؤولين – بوزارة النقل وإدارة هيئة الموانئ – عن إشراك أهل السودان جميعاً، بمن فيهم العاملين بالميناء الجنوبي، في معرفة تفاصيل الاتفاقية..؟؟
:: وعلى كلٍّ، نأمل أن تخصص الحكومة بعض موارد الموانئ البحرية لأهم مشروع خدمي واستراتيجي ينتظره أهل الثغر منذ أكثر من عشرين عاماً، وهو مشروع مد ولايتهم بمياه النيل.. لقد كثرت الوعود، ومن العقود هيئة الموانئ – مع الشركات الأجنبية – يمكن تنفيذ هذه الوعود.. ولعلكم تذكرون تداعيات أزمة المياه الحادة التي ضربت المدينة قبل أشهر، بحيث كادت أن تُشعل )أزمة أمنية(؛ إذ عمت مظاهرات الغضب في كل أحياء بورتسودان، وبالتظاهرة انتبهت السلطات إلى عطش الناس.. ولو لم يتظاهر العطشى لماتوا عطشاً، ولقالت التقارير الرسمية قتلتهم )حيتان البحر(.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد