صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الفرصة أمام قحت

9

بلا حدود – هنادي الصديق 

الفرصة أمام قحت

وردني تعقيب في شكل مقاربة من القيادي بحزب المؤتمر السوداني عمرعثمان ردا على العمود الذي جاء تحت عنوان(المعجزة الإلهية)، أورده للقارئ باختصار شديد للفائدة.ورد في صدر المقاربة: ان هذه الحكومة لا تشبه الثورة في شئ، وخاصة الوزراء الذين جيئ بهم من الخارج..الخ

هنا انت حددت ان هؤلاء الوزراء غير مناسبين، بمعنى ان الاختيار غير موفق وبالتالي وبدون شك سوف يشكل هذا احد مركبات القصور أو حتى الفشل اذا كان هنالك فشل، وانا هنا اتفق معك بتحفظ، إذا ان العلة ليس في الوزراء، ولهذا رأيت علينا أن نضع النقاط فوق الحروف وتسمية الأشياء باسمائها، لأن ذلك ضروري ومطلوب للتشخيص السليم. ولكي نصل الي ذلك علينا محاولة الاجابة على الاسئلة التالية بشفافية وتجرد.

أين الحاضنة السياسية من ذلك ؟ أين قوى الحرية والتغيير؟ ومن اختار هؤلاء الوزراء، وماهي أسس الاختيار والمعايير، وكيف تم اعدادها وما هي الياتها؟

هل يوجد مبدأ الاعفاء كشرط؟ واذا وجدت ما هي معايير الاعفاء ومؤشرات الاداء المعتمده؟ وهل يوجد أمر تكليف واضح ومكتوب على ضوئه التزم الوزير المختار بالتكليف؟

اذا من الأرجح ان قوى الحرية والتغيير لم يكن لديها سياسات وبدائل وبرامج، وافتقدت المهنية والشفافية في الاختيار، وارجح انها غير مدركة انها تحت مساءلة الحاضنة الشعبية وقوى الثورة، وذلك ببساطة لأنها لم تعد مسبقا بروتوكلات في ممارسة مسؤوليتها تجاه الوزراء الذين اختارتهم لغياب رؤية الاختيار نفسها باعتبارها الحاضنة السياسية.

اذا نخلص الي ان الملام والمسؤول هو قحت وليس الوزراء كشخوص، والمطلوب من الجميع العصف الذهني بأسرع ما يمكن لمعالجة هذا القصور الذي بات أقرب للعجز وبالتأكيد سوف يقود ذلك للفشل الزريع؟

 كرأي شخصي لا أعتقد ان هنالك فشل حتى الآن، لأن تقييم الفشل يعتمد على توفر معايير موضوعية ويبقى السؤال، ما هي هذه المعايير؟

بعيدا عن الأرقام والتي هي في الأساس غير متوفرة واذا توفرت ليس ذات وثوقية لان حتى الأرقام الرسمية التي تنشر وتداول هنا وهنالك في كل المجالات خلال العقود الاربعة المنصرمة وحتى الآن متضاربة ومتناقضة وتفتقد الي المصداقية ، لذا تجد الجميع في حالة لبس وتوهان، ولهذا اذا توافقنا جدلا بتبني حالات المقارنه كأداة تقييم، مثل المعاناة او سعر الدولار اومعدل التضخم كمؤشرات قياسية، فالمعاناة هي ذات المعاناة في العهد البائد وان سعر الجنيه المتدهور مقابل الدولار ما هو الا مضاربة مصنوعة تقف ورائها الثورة المضادة، واحد اسباب ذلك في تقديري هو عجز قحت في استعادة المؤسسات الموازية التي تمارس عملها من وراء حجاب في المواقيت المناسبة وحتى الآن، وفوق ذلك كان قصور خطاب قحت ان وجد وسياساتها الاعلامية التي توافق متطلبات المرحلة وتعقيداتها كما انها تفتقد الي الشفافية والصدق مما جعل سقف التوقعات كبير جدا عند الحاضنة الشعبية والثورية متجاوزا الواقع والعقلانية. مع العلم ان هذه الشفافية كانت ولا زالت سلاح قوي في يد قحت اذا أحسنت استخدامه ولكنها اضاعته.

أما عن التدهور الاقتصادي الذي نراه اليوم، وضع له السواد الأعظم من الخبراء المحليون الروشتة التي تعين على مكافحته بسياسات من الواقع المحلي من خلال تنمية الصناعات الصغيرة وتشجيع الاستثمار وقطاع الثروة الحيوانية وتحديدا صادر الماشية وتبني القيمة المضافة وغيرها من حلول، ولكن لابد ان نعي أن الأمر يحتاج إلى أموال وبنية تحتية سليمة في حدها الأدنى ونظام مصرفي مرن ومقبول ومعتمد عالميا بلا قيود على التحويلات، وما لا يدركه كثير من الناس انه حتى لو توفرت كل هذه المدخلات لا يكون المردود سريعا ويحتاج الي وقت حتى نلمس التغيير.

ما اريد ان اصل اليه لا بد من علاج ناجع لبعض الأمور الاساسية حتى نضع الَحصان امام العربة لتنطلق ويتمثل ذلك في

وضع سياسات آنية لوقف التدهور كهدف تكتيكي واستراتيجي. ومن ثم يمكن تبني خطط متوسطة وبعيدة الاجل للاعمار والنهضة والتنمية المستدامة بجانب معالجة موضوع الفساد وجعله رأس رمح التغيير، فإذا افلحنا في علاجه نكون خطونا حوالي ٥٠٪ في طريق الإصلاح والانطلاق بجهد بسيط.

ولا زال هنالك متسع من الوقت للإنجاز، وبدون ذلك ستظل هذه التشوهات عائق كبير ينتج عنها ضرر بليغ. وعلينا أن لا ننسى ان معالجة الفساد عملية مستمرة ولا يحدها مكان أو ميقات.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد