صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

المجلس العسكري و فوبيا الحكومة المدنية

7

من الآخر

اسماء محمد جمعة

المجلس العسكري و فوبيا الحكومة المدنية‎

ما زال المجلس العسكري يصرُّ على أن يقتلع رئاسة المجلس السيادي وبأغلبية الأعضاء، هذا الإصرار خلفه عدة أسباب أهمها خوف المجلس نفسه من الحكومة المدنية وما ستقوم به من إجراءات تجاه الفساد الذي غطى كل قطاعات الدولة وشمل أغلب كوادر المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، والمجلس العسكري نفسه غير مستثنى، ورئاسته للمجلس السيادي ستمكنه من تصفية القضايا بأقل الخسائر، فصراعه على السلطة دافعه الخوف من الحساب قبل حب السلطة والمصالح وهو الذي يدفعه لهذه المقاومة العنيفة والقبول بمساعدة دول الشر.
من الناحية الأخرى قوى الحرية والتغيير الممثلة للجماهير هي أيضا متخوفة من ترؤس العسكر للمجلس السيادي ومن تكرار تجربة النظام السابق وتجارب أخرى يحفظها الشعب، وتتخوف أيضاً من أن لا يقوم العسكر بمحاسبة المفسدين، كما ينبغى، مما يعني فقدان الشعب لكثير من حقوقه، وفي الحقيقة أقل الخسائر التي يبحث عنها المجلس العسكري له ولنظامه القديم تعني أعظم خسارة لجماهير للشعب التي ثارت، إذن هنا المحك الذي جعل الطرفين يدوران حول دائرة مغلقة، فكلٌّ يعتقد أن أي تنازل سيمكن الآخر من رقبته، وعليه لا بد من كسر هذه الدائرة .
المجلس العسكري يعرف أنه على باطل ولكن أخذته العزة بالإثم، فالخروج بأقل الخسائر على طريقته ليس حلاً، يمكنه أن يخرج بأقل الخسائر ولكن من خلال عملية تصالحية قانونية تقودها الحكومة الانتقالية، فهذا الأمر سيعالج الأمور أفضل من معالجة المجلس العسكري الذي جعل الأمر وكأنه حرب بين الجيش والمدنيين وهو ليس صحيحاً .
وعلى المجلس العسكري أن يطرح تخوُّفه بكل شفافية ويبحث مع قوى الحرية والتغيير كيف يمكن تجاوز الموضوع من أجل الوطن بدلا من هذه الجرجرة غير المنطقية وغير العقلانية والتي تدفعه الآن إلى أن يمضي في طريق تحدٍ غير مضمون العواقب.
مؤخرا بدأ المجلس العسكري يقوم بإجراءات ترتيب أمر الوزارات والمؤسسات وتكليف كوادر المؤتمر الوطني نفسهم لتسيير أمورها مما يعني أنه قد قرر أن يبقى طويلاً وما المفاوضات إلا تضييعاً للزمن، فمشكلة المتاريس لا تستحق تعليق التفاوض ثلاثة أيام، ولا الرد على اقتراح الحرية والتغيير يحتاج إلى يومين فإجابته جاهزة وكان يمكنه أن يرد في نفس اللحظة، وقوى الحرية والتغيير إن لم تتحرك ستتفاجأ بضربة قوية من المجلس .
أعتقد أنه على قوى الحرية والتغيير أن تناقش مع المجلس العسكري تخوُّفه من الحكومة المدنية حتى يسلم السلطة، وإلا فإن خوفه منها سيدفعه لفعل أي شيء حتى ولو عليه وعلى أعدائه،، فالفوبيا التي يعاني منها تجعله لا يرى غير خلاصه من الحكومة المدنية دون أن يتحسب لخسارة السودان.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد