صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

المراجعة الداخلية..حرص وما تخونش

8

بشفافية

حيدر المكاشفي
المراجعة الداخلية..حرص وما تخونش

ربما الخلفية المصرفية للقيادي بالحرية والتغيير محمد عصمت جعلته ينبه لأهمية دور المراجعة الداخلية، اذ أشار في حديث له عن غياب المراجعة الداخلية من 75٪ من أجهزة الدولة خاصة المؤسسات الإيرادية بينما يغطي ديوان المراجعة 25٪ فقط من أجهزة الدولة، وقال: إن وزارة المالية بررت فشلها في عدم تغطية نظم المراجعة بحجة عدم وجود موظفين بينما عشرات الالاف من خريجي المحاسبة والادارة بلاعمل، واعتبر أن غياب المراجعة الداخلية على مستوى المركز والولايات أدى لتعاظم الفساد طوال الـ 30عاما..ان ما قاله عصمت عن أهمية المراجعة الداخلية هو عين الحقيقة فالمراجعة الداخلية الحازمة والمنضبطة تعد واحدة من أهم مصدات وآليات مكافحة الفساد في طوره الأول في مرحلة الشرنقة، بل هي خط الدفاع الأول للزود عن المال العام،ولكن ما قولكم لو أن خط الدفاع هذا قد تم اختراقه وصار مثل شوارع المرور السريع يسهل المرور منه على قول الكورنجية (ناس الكورة)، فلو حدث ذلك فقل أبشر بطول سلامة يا فساد..
ان من يعملون في مجالات ادارة المال من حسابات ومراجعة ليسوا عن بكرة أبيهم ملائكة أطهار وهذا طبيعي في كل المهن والحرف، وعليه فان من بينهم من يمارسون مثل أساليب الديوثين والتيوس المستعارة في تحليل الحرام وتقنين (النهب المصلح)، وذلك بتواطئهم مع القيادات الفاسدة في المؤسسات التي يعملون بها، بتمرير الاعيبهم نظير حوافز مجزية، أي أنهم يستثمرون وضعيتهم الوظيفية التي لا تسمح بمرور الاعيب الا اذا فتحوا وغضوا الطرف عنها، وقد أطلعني من قبل صاحب تجربة تراكمية سابقة في العمل الاداري على بعض هذه الممارسات الفاسدة، التي تعتبر واحدة من أسباب انهيار الخدمة المدنية وفسادها، ومنها على سبيل المثال ما قال أنه شهده بنفسه حين اكتشف مراجع ما في مؤسسة ما جريمة فساد، ولكنه بدلا من أن يتخذ هذا المراجع اجراءاته المعروفة لديه في مثل هذه الأحوال، شرع في مساومتهم وابتزازهم لينال نصيبه هبرة كبيرة، وقال: إنه اكتشف كذلك أن هؤلاء يجدون المساندة من بعض كبار المسئولين أصحاب القرار الذي لا راد له في المؤسسة ولا معقب، فيصطفون ويميزون أمثال هؤلاء المحاسبين والمراجعين الفاسدين، الذين يمررون لهم فسادهم فيغمرونهم بالحوافز والأعطيات والمكرمات والهدايا، وبالتالي أصبح هؤلاء يشكلون تكتلات ضد أي شخص أو أشخاص يعملون حسب لوائح الخدمة والقوانين المالية، بل انهم صاروا يتلهفون لحدوث هذه المفاسد حتى يمرروها لتعمر بالتالي جيوبهم بالحوافز، ويا ويل من لا يسايرهم ويسير في ركبهم، فمثل هذا مصيره المحتوم التهميش أو التطفيش بالنقل في أحسن الأحوال، وهكذا تتكون خلية من الفساد داخل هذه المؤسسة تصنع الشهد لنفسها، ولا يستطيع من هو خارجها الاقتراب منها، ومن يحاول فلن ينال سوى اللسعات واللعنات، وهكذا أيضا يتأسس الفساد المؤسسي المحمي..
الجريدة

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد