صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

المندسون

10

ساخر سبيل

الفاتح جبرا
المندسون

جاء في أساطير العرب القديمة أن المستحيلات ثلاثة، وهي )الغول، العنقاء والخل الوفي(، الغول هو كائن خرافي يتصف بالبشاعة والوحشية والضخامة، وقد ورد ذكره في كثير من الحكايات الشعبية، وغالبا ما )يخوفو بيهو الأطفال(، أما العنقاء فهو ذلك الطائر الأسطوري ذو العنق الطويل الذي يخافه الجميع لكبر حجمه وقوته الخارقة، أما الخل الوفي فهو الصديق المخلص )البتلقى عند الشدئد( وقد عد من هذه المستحيلات لندرة وجوده !
وفي هذا يقول أحد الشعراء:
لما رأيت بني الزمان وما بهم خل وفي للشدائد اصطفى
فعلم أن المستـــــحيل ثلاثة الغول والعنقاء والخل الوفي
هذه المستحيلات الثلاث عزيزي القارئ أضاف لها العرب مستحيلة رابعة لتصبح )الغول والعنقاء والخل الوفي و المندسون( ففي كل احتجاجات تفضي إلى اضطرابات تشهدها الدول العربية، هناك اتهام جاهز وتهمة )عند اللزوم( تطلقها الأنظمة من أجل تبرير قمع المحتجين، وإلإفراط في القوة والوحشية التي تتعامل بها معهم، هذه التهمة الجاهزة هي )وجود مندسين( بين جموع المحتجين يعملون على تنفيذ مؤامرة تحاك من أعداء البلاد !
التأريخ القريب يؤيد صدق ما ذهبنا إليه فما أن عمت الإحتجاجات والتظاهرات )تونس( حتى صرح الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، بأن )المندسين( هم من شوهوا مطالب شباب تونس العادلة، وهم من خرب وحرق ودمر وقتل !
وما أن انتفض الشعب المصري، حتى قال الرئيس المخلوع )حسني مبارك( نفس الشيء، وكذلك قاله ملك الملوك وعميد الحكام العرب )معمر القذافي( كما قاله الرئيس اليمني والسوري، وقد أضحت المقولة )أسطوانة( مستهلكة )يشغلا( كل رئيس عربي إذا ما ثار شعبه مطالبا بحقوقه المسروقة !
الواقع في كل الثورات العربية التي هبت، يؤكد أن مسألة )المندسين( دي )كلام ما جايب تمنو( وإن كان هنالك بالفعل مندسون وسط )الشعوب(، فهم يتواجدون داخل هذه الأنظمة التي انفصلت عن تطلعات وطوحات شعوبها في العيش الكريم، هذه القلة التي أصبحت ترفل في النعمة وحياة الثراء والبذخ وتعيش في أبراج عاجية )وكوكب تاني( بينما شعوبها ترزح في نيران الفقر والجوع والمسغبة..
ما من مسؤول يتحدث عما تشهده البلاد هذه الأيام من احتجاجات إلا ويرمي باللائمة على )المندسين(، هذه )الهرطقات( قد تكون مبلوعة إذا ما كانت هذه الاحتجاجات والتظاهرات )محدودة( الزمان والمكان ولأسباب واهية مصطنعة، أما أن تنتظم كل شرائح الشعب بمختلف فئاته ولأسباب موضوعية معلومة، وفي معظم المدن وبهذه الأعداد التي نشاهدها فإن ذلك يوضح بما لا يدع مجالاً لأي شك، بأن هذا هو صوت الشعب الذي يثور محتجاً على عدم توفر الحياة الكريمة له، بعد أن ظل صامتاً على هذا العبث ثلاثين عاما و)خلونا من الكلام المقدد ده( !
كسرة :
# مندسين بس !
كسرة ثابتة :
أخبار ملف خط هيثرو شنووو؟ 104 واو – )ليها ثمانية سنين وثمانية شهور(؟ .. فليستعد اللصوص !

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد