صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

(المُفبركات) ..

9

إليكم

الطاهر ساتي

(المُفبركات) ..

انتشار دليل مزيّف للتقديم للجامعات بوسائل التواصل الاجتماعي، ووزارة التعليم العالي تُحذر الطلاب وتنفي صلتها بهذا الدليل المزيّف، وتوضح أن كل المعلومات والإجراءات ذات الصلة بالتقديم للجامعات سوف تكون متاحة بالموقع الإلكتروني للإدارة العام للقبول، والذي أصبح متاحا منذ مساء الخميس الفائت، وأن الوزارة لا تصدر أي دليل ورقي، هكذا توضيح سلطات التعليم العالي.. جميل.. ولكن هناك قضية أخرى ذات صلة بسلطتي التعليم العالي والعام، وهي أخطر من ( الدليل المفبرك).
:: نفهم أن يأتي النازح من الريف هارباً من ويلات الحرب أو بعد جفاف الزرع، وباحثاً عن أبسط وسائل الحياة التي تجنبه الفناء بالرصاص أو بالجوع، ويبني لنفسه وأسرته ظلاً من الطين والزبالة والكرتون بأطراف المدينة، ثم تسمي السلطات الحكومية مباني الظل بالعشوائية وتعمل على إزالتها بالبلدوزر أو توفيق وضعها بالتخطيط والتوزيع الرسمي، فكل هذا (شيء طبيعي)، وتقريباً يحدث بكل دول العالم الثالث و(الأخير طبعاً).
:: ولكن، أن يقصد أحدهم سلطات التعليم، حاملاً طلب التصديق بمرفق تعليمي (عام أو عالٍ)، وتصدق له السلطات بالمدرسة أو بالمعهد أو بالكلية مقابل رسوم يدفعها صاحب الطلب، ويذهب ويبني مرفقه التعليمي ويعلن شروط القبول ثم يقبل الطلاب عبر إستمارات سلطات التعليم، ثم تسمي ذات السلطات هذا المرفق التعليمي بالعشوائي غير المعترف به، فهذا (غير طبيعي)، ولا يحدث حتى في دول العالم (الثالث والأخير)، ولكن يحدث في.. (بلادنا).
:: كانت وزارة التربية بالخرطوم قد أعلنت قبل عام عن حصر مائة مدرسة عشوائية، ثم وعدت بحصر بقية المدارس العشوائية بغرض (إغلاقها).. ولكن إلى يومنا هذا، لم توضح الوزارة نتائج الحصر، وإن كان عدد المدارس العشوائية فقط تلك المائة أم نقصت أم زادت؟.. وكذلك لم توضح مصيرها.. ولكن الواقع يؤكد أن بالخرطوم مدارس عشوائية تستوعب التلاميذ.. والمؤسف أنها تلتزم بسداد رسوم التأسيس – وغيرها من الرسوم – لخزائن السلطات، ومع ذلك غير معترف بها.. هذا حال العشوائيات التعليم العام.
:: أما حال العشوائيات بالتعليم العالي، فلنقرأ ما يلي: (نحذر الطلاب الذين لم يتم قبولهم في الجامعات من اللجوء للمؤسسات التعليمية التي لم يرد اسمها في دليل القبول، ونوضح أن التسجيل بهذه المؤسسات يعد ضياعاً للزمن وإهداراً للمال، وأن الوزارة لم تعترف بشهاداتها ولن توثقها، ونفيد بأن عدد هذه المؤسسات التعليمية غير المعترف بها (14 مؤسسة)، وكلها مخالفة لشروط وإجراءات الوزارة)، أو هكذا كان تحذير سلطات التعليم العالي قبل ثلاث سنوات، ومايزال الوضع كما هو عليه.
:: والتحذير أعلاه كما تحذير الفكي لحطاب يخاف الأسود، حيث أعطاه الحجاب مُحذراً: (ألبس حجابي دا، وإن شاء الله الأسد ما ح يشوفك، ولو شافك ما ح ياكلك، ولو أكلك إن شاء الله ما ح تنفعو).. نعم، فالسادة بالتعليم العالي – كما التعليم العام – يستلمون رسوم المعاهد والكليات (المفبركات)، ثم يرفضون الاعتراف بها، ثم يحذرون منها الطلاب، بدلاً عن إغلاقهما ومحاكمة أصحابها.. علما بأن إغلاق المدارس والكليات العشوائية ومحاسبة صاحبها لم يكن عسيراً، ولكن النظام المسؤول عن الإغلاق والمحاسبة كان (عشوائياً أيضاً).

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد