صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

النزاعات القبلية..مهدد لأمن البلاد ووحدتها

9

———-

بشفافية _ حيدر المكاشفي

النزاعات القبلية..مهدد لأمن البلاد ووحدتها

يبدو أن الصراعات القبلية الدامية التي لا تنتهي والحروب الأهلية التي لا تنقضي، قد جعلتنا نتطبع مع هذه الاحداث المؤسفة وتتبلد أحاسيسنا تجاهها فلا ننهض لوضع حد لها بالمستوى والجهد المطلوبين، وآخر مثال على ذلك أحداث الجنينة المؤسفة والحزينة والتي تكررت لعدد من المرات في غضون مدة قليلة وخلفت مئات القتلى والجرحى، بما يشير الى أن التعامل معها لم يكن بالجدية والفاعلية التي توقف نزيف الدم وتنهي الصراع، وكأنما صارت هذه المأساة قدرا لا فكاك منه ولا حل له، وما يضاعف المأساة أن الجنينة ليست الوحيدة التي تكابد مثل هذا الصراع المميت، فالصراعات القبلية الدموية ظلت تتفجر في مناطق مختلفة بدارفور الكبرى وغيرها، ولم تكن لتهدأ الا لتتجدد مرة أخرى وهكذا دواليك تدور ساقية الموت..صحيح أن الصراعات القبلية قديمة جدا في السودان، ولكن الصحيح أيضا أنها لم تكن تخلف ضحايا بهذه الأعداد الكبيرة، اذ كانت وقتها تدور بالأسلحة التقليدية المعروفة من حراب وسكاكين وسيوف، وكان للآليات القبلية التقليدية دورها الكبير في فض مثل هذه النزاعات، ولكن اليوم بعد انتشار السلاح بمختلف أنواعه وأحدثها من الخفيف الى الثقيل في ايدي المواطنين والمليشيات والنهابين، اصبحت هذه الصراعات تدور بالراجمات ومدافع الهاون والآر بي جي وغيرها من الأسلحة الحديثة الفتاكة التي لا يتوفر بعضها لقوات الشرطة، كما صار المتفلتون القبليون يشنون غاراتهم القاتلة من على ظهور عربات (التاتشر) رباعية الدفع والدراجات النارية ويصبون حمم نيرانهم حتى على الأبرياء العزل فيقتلون المئات بينما الدولة تغط في ثبات.. �ان تكرر هذه الأحداث المميتة يؤكد أن كل المعالجات التي جرت بشأنها تعاملت فقط مع تداعيات هذه الاحداث ونتائجها الكارثية، ولم تنفذ الى عمق الأزمة وأسبابها الجذرية، وستظل مثل هذه المعالجات على فطارتها وسطحيتها ولن تجدي شيئا، فالانفلاتات القبلية التي تقع بين الحين والاخر واضح تماما أنها ليست انفلاتات وقتية عابرة، وإنما لها جذورها وأسبابها وابعادها التي لابد من تعريفها بدقة، ومن ثم العمل على معالجتها دفعة واحدة، وليس بمعالجات آنية مجتزأة ومسكنات وقتية بلا مفعول يستأصل الداء من جذوره، فمثل هذه المعالجات السطحية وإن قدر لها النجاح في عقد مصالحات بالطبطبة وجهد الأجاويد والمجاملات، فإن الصراع سيتجدد لا محالة في أقرب وقت وأحداث الجنينة تقف خير شاهد، بل ليس من المستبعد والمتوقع جدا ان ينفجر نزاع قبلي في موقع آخر اذا ما تم احتواء مشكلة الجنينة، ولعل هذا ما يفرض ان تكون المعالجة الجذرية شاملة لكل بؤر النزاع القبلي ولكل أسباب وجذور هذه النزاعات، فمن خطورة هذه النزاعات أنها تهدد أمن الوطن كله وتنذر بعواقب وخيمة على وحدة السودان وأمنه واستقراره.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد