صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الوردي !!

7

بالمنطق
صلاح الدين عووضة
الوردي !!

في تاريخنا أكتوبران..
أحدهما قديم ؛ وهو أكتوبر الأخضر الذي أطاح بأول حكم سرطاني في بلادنا..
وثانيهما جديد ؛ وهو أكتوبر الوردي..
وهو مخصص لثورة توعوية تطيح بسرطان الثدي…عن طريق الكشف المبكر..
والأخضر )الثوري( منهما حالت الإنقاذ بين الناس وذكراه..
مثله مثل شقيقه أبريل ؛ ثلاثون عاماً وما من احتفال رسمي به ؛ بأمر الإنقاذ..
وما من احتفال شعبي به أيضاً…إلا في الخفاء..
ومن قبل الإنقاذ حذت مايو حذوها نفسه ؛ فالأنظمة القمعية تكره الثورات الشعبية..
وتكره – كذلك – مجرد الاحتفال بذكراها..
وأكتوبر الذي نحن فيه هذا هو الأول الذي سيحتفل به الشعب ؛ بعد زوال )المانع(..
والمانع ليس خيراً في كل الأحوال..
ولكن الغريبة أن أهل الإنقاذ تذكروا )الأخضر( هذا فجأة ويريدون الاحتفال به..
يريدون أن يزاحموا فيه الذين حرموهم منه ثلاثين سنة..
بل وزعموا أنه )بتاعهم( ؛ هكذا ادكروا بعد أمة…وأفاقوا من بعد طول سبات..
سبات في عسل يونيو…وتمكينها…وثرواتها…و)فسادها(..
أو بالأحرى ثروات الوطن…وشعبه ؛ وتركوه فقيراً – رغم غناه – يتسول الإعانات..
ويتسول رئيسهم – رغم غناه أيضاً – مظاريف الخليج..
وهي أغرب…وأعجب…وأخس…وأحط…ظاهرة في تاريخ السودان السياسي..
ولم يسبقه بها من أحدٍ من الحاكمين..
ثم هو – من بعد ذلك – الرئيس الأكثر ثراءً من بينهم أجمعين…من خلال الفساد..
المهم إنهم يريدون الاحتفال بالأخضر الآن..
ويتولى )كبر( التحشيد لهذا الاحتفال زميل المهنة – والفلسفة – حسين خوجلي..
بيد أنه اختط لنفسه في الفلسفة هذه فرعاً من فروعها..
وهو الفلسفة البرغماتية ؛ والتي )فلسفتها( أن الشيء يكون حقيقياً بقدر نفعه..
حتى الله نفسه – سبحانه – تنطبق عليه هذه الفلسفة..
بمعنى إنه يكون حقيقياً بقدر ما يجلب للمؤمن به من منفعة مادية…أو نفسية..
وهي فلسفة فيلسوفين أمريكيين ؛ وليم جيمس…وجون ديوي..
فتبنتها أمريكا ؛ فصارت هي فلسفتها في الحياة…والسياسة…والاقتصاد…و الأخلاق..
مشى حسين في سكة هذه الفلسفة…فـ)انتفع(..
بينما مشى كاتب هذه السطور في سكة فرع آخر هو الفلسفة المثالية… فـ)انفقع(..
ومن منطلق هذه الفلسفة هاجم حسين ثوار ديسمبر..
واشتط في هذا الهجوم إلى حد وصفهم بالذي وصفهم به رئيسه المخلوع من قبله..
وصفهم – مثله – بشذاذ الآفاق…قبل سقوط نظامهما بأيام..
وفي ظنه – وفقاً لفلسفته هذه – أن الهجوم )حقيقي( بقدر ما سيجلب له من )نفع(..
سيجلبه فور انقشاع غبار الثورة…وسينبسط منه البشير..
ولكنه – كما جميع رفقائه في التنظيم الحاكم – )حسبها غلط(…من شدة الغرور..
فكيف تسقط شجرة )زارعها الله(؟…حسب زعمهم..
والآن بعد أن وقع المحذور – ووقعت الشجرة – رجع حسين إلى نهجه القديم..
نهج صحافة السوسة ؛ نخراً في جذع الشجرة الجديدة..
شجرة الديمقراطية التي ترمي بظلها – وشجرها – بعيداً ؛ ليستفيد منها الجميع..
لا كشجرة الوطني التي تُقصر ظلها – وثمرها – على الموالين..
وكما استفاد حسين – وإخوانه – من ميزة شجرة الديمقراطية السابقة يستفيد الآن..
وتتمثل الاستفادة هذه في السعي لتقويض الديمقراطية الوليدة..
وذلك استغلالاً- بشعاً – لأجواء حريتها…وسماحتها..
وما الدعوة للاحتفال بأكتوبر الآن إلا في سياق هذا الاستغلال…وهذه الاستفادة..
وذلك من بعد كثير قدح – وذم – طيلة الأشهر الماضية..
ومع القدح – والذم – هذين سخرية لاذعة…وبشعة…وخبيثة ؛ والتاريخ يُعيد نفسه..
يُعيده في الذي يليهم هذا فقط…ويجيدونه جداً..
ولكن فيما يلي الشعب – وثورته – فلن ينجحوا في الذي نجحوا فيه أيام الصادق..
لن تسقط هذه الثورة لأنها محروسة بـ)وعي( شعبي متعاظم..
سيما وأن الوعي الشبابي – تحديداً – تفتَّح على سوء الجماعة…طوال سني حكمهم..
فيا حسين…وجماعته : دعوا أكتوبر الأخضر..
دعوه في حاله…تجاهلوه…)دغمسوه ( ؛ كما ظللتم تفعلون لأكثر من ربع قرن..
ثم تفرضون على الناس – وإعلامكم الرسمي – تجاله أيضاً..
وخليكم مع )الوردي( !!.
الانتباهة

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد