صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

اهل الجلد

9

 

خلف الاسوار

سهير عبد الرحيم

اهل الجلد

في ليلة شتوية دافئة ويوم استثنائي مختلف، احتفل الاتحاديون يوم أمس وعلى طريقتهم بأعياد الاستقلال، وحين يحتفل الاتحاديون بالاستقلال تشعر بأنهم حقاً أهل الجلد والرأس في الاستقلال .
في مدخل مركز أم درمان الثقافي وبين جنباته وداخل الصالة الفخمة كان علم الاستقلال الأول حاضراً وبقوة، وما أن تشاهد الألوان الأزرق والأصفر والأخضر حتى تدرك أنك في ديار الاتحاديين .
المنصة كانت حاشدة برجالات الاستقلال وحزب الأشقاء، الشيب يكسو الشعر والوجوه وقاراً فوق وقار، وأعمامنا يتوكأون على عصيهم (وما أدراك ما عصيهم)..!!
الكل يحكي قصصاً ومجالسات أبطالها الأزهري والمحجوب وزروق ويحيى الفضلي، يا سبحان الله شتان بين ذاك الجيل وعهدنا الموبوء، بين من عايش وعاشر وآنس واتألف مع رواد الحركة الوطنية، وبين جيلنا هذا المغضوب عليه، بين ذكرياتهم وبطولاتهم وبين خزينا وعارنا، بين أحلامهم وطموحاتهم وبين هزائمنا وانتكاساتنا .
الكل يحكي عن عفة اليد واللسان، عن الفقر حتى الممات، عن بيوت الايجار التي كان يسكن فيها رموز الاستقلال، وعن الديون في كراس سيد الدكان، تاريخ نظيف ورائحته ذكية، لم يكن هناك حديث عن حسابات في سويسرا وفنادق في ماليزيا وفلل في الجميرة، لا مزارع ولا صفقات مشبوهة ولا عطاءات مفبركة ولا أسهم وسندات مضروبة وأخرى محروسة.
لا أسماء تلوثت ولا شهادات دبجت ولا سيوف وصقور وزعت، وإنما كفاح ونضال وقيم حياتية آمنوا بها ورعوها، إنهم رجال الديمقراطية الذين جاءوا بالشرعية وجاءوا للوطن والمواطن، لم يزيفوا انتخابات ولا خجوا صناديق اقتراع ولا دخلوا القصر عبر دبابة.
لهفي على جيل لو قدر له أن يرى ما آل إليه حال الوطن الذي بذلوا كل مهجة في سبيله، لتمنوا أن تنطبق عليهم السماء والأرض بما رحبت .
فكرت وأنا اصطحب صغيرتي لاستلام تكريم رمزي لجدها، كيف يا ترى أحكي لها عن ذكرياتنا.. هل استلف حكاوى الاستقلال أم أقص عليها خزعبلات ومآسي وأوجاع جيلنا .
خارج السور ناس يقولوا ليك اجتمعنا مع الأزهري وقابلنا الفضلي وحكينا للمحجوب، وناس يقولوا ليك اتفقنا مع بلال وتشاورنا مع ممتاز والتقينا كبر.
لا حول ولا قوة إلا بالله.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد