صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

بالانتخاب لا بالاحتراب والانقلاب

10

 

قولوا حسنا

 محجوب عروة

بالانتخاب لا بالاحتراب والانقلاب

لستُ من الذين يشكِّكون في صحة المحاولة الانقلابية التي أعلنها رئيس اللجنة الأمنية الأيام الماضية الفريق أول ركن جمال عمر، لأنني علمت من مصادري الخاصة اسم أحد المتورطين فيها وهو قيد الاعتقال ولذلك فالمطلوب من المجلس العسكري الإعلان الفوري عن أسماء الذين تورطوا وخططوا لهذه المحاولة الانقلابية الغبية، وكشف هوياتهم السياسية والإسراع بمحاكمتهم حتى يقتنع الناس ويكونوا عبرة لغيرهم.
إن المتتبع للأحداث منذ انتصار ثورة 19 ديسمبر يجدها تشير إلى أن هناك من يتربص بها ولا يريد لها نجاحا أو انعتاقا للمواطن من الحكم الديكتاتوري، وعلى وجه الخصوص لا يريد نجاح الاتفاق بين قوى الحرية والمجلس العسكري حيث أن ذلك يفوت الفرصة للذين لا يتفهمون معاني الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ودولة سيادة القانون والحكم الرشيد ويخشون أن تطالهم يد العدالة لِما اقترفت أيديهم من فساد أو جرائم في حق المواطن السوداني.
هؤلاء الذين خططوا لهذا الانقلاب أغبياء ظلوا يتربصون بالثورة ولا يريدون نجاح الفترة الانتقالية التي أول أعمالها كشف الفساد الذي استشرى وأضر بالاقتصاد، و كشفُ الجرائم ومحاسبة مرتكبيها منهم من هو رهن الاعتقال ومنهم من هرب للخارج ويعرف جيدا أنه سيأتي به عبر الإنتربول.
كيف يفكر هؤلاء الانقلابيون و هذه الثورة لا زالت في عنفوانها ولا زال الثوار والعسكريون الشرفاء في قمة وعيهم بأن الانقلابات العسكرية قد انتهت إلى غير رجعة في بلادنا لقناعة رسخت بسبب تجاربها المريرة أنها ليست الحل لمشاكل الوطن المعقدة، وأنه آن الأوان أن تتحقق وتستمر شعارات الثورة (حرية سلام وعدالة) ونكرس الديمقراطية والحكم الراشد ودولة سيادة القانون ودولة المؤسسات والفصل بين السلطان من خلال نظام مدني دستوري وقيام دولة الحقوق ليؤدي كل مواطن واجبه تجاه وطنه وتجاه الأجيال القادمة فكفانا “أوانطة” سياسية وكفانا تجارة باسم الدين أو باسم الآيدلوجيات والشعارات الفارغة الفاشلة وكفانا الجهوية والقبلية التي جُرِّبت جميعها ولم تنتج غير الفوضى بسبب التحكم والصراعات والحروب الأهلية والفشل في إدارة البلاد أو تحقيق النهضة الاقتصادية وكرامة الانسان..
لقد آن الأوان ان نتحلى بالحكمة والتعقل وأن نتفق على المشتركات السياسية ونكرس نظاما محترما وممارسة سياسية متحضرة مثل بقية شعوب العالم المتقدمة ونتفق على كيف يحكم السودان، ومن أراد أن يخدم وطنه فليتقدم ويطرح برنامجه حيث صندوق الانتخابات لا صندوق الذخيرة بالاحتراب والانقلاب هو الوسيلة الوحيدة للتبادل السلمي للوصول للسلطة حين يقدمه الشعب ويقتنع به.
وحيث الآن هناك تفاهم مبدئي بين قوى الحرية والمجلس العسكري، فليكن الهمُّ الأول هو تقديم مصالح البلاد العليا لا المصالح الشخصية والتعصُّب المهني وإلا فإن أي تأخير في الوصول إلى اتفاق معقول، سيغري المغامرين أمثال هؤلاء وغيرهم للتخطيط لانقلاب على الأوضاع وفرض أنفسهم وأجندتهم الفاشلة للانقضاض على السلطة مرة أخرى رغم فشلهم.
إن أسوأ ما يمكن أن يحدث هو أن تقع البلاد في مربع سياسي تتكون أضلاعه من تجار السياسة المتقلبين بين الأحزاب والأنظمة، وآخر يتمثل في ضعف الخبرة السياسية والضلع الثالث المغامرون بالانقلابات، وضلع رابع من ضعف الثقة بين هذه المكونات.. هذا للأسف ما نحن فيه، فلنعتبر!!.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد