صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

برنامج سلعتي.. هذه هي الكديسة فأين اللحمة..؟

34

—————

بشفافية – حيدر المكاشفي

برنامج سلعتي.. هذه هي الكديسة فأين اللحمة..؟

الطرفة القديمة تقول إن رجلاً طال عهده باللحم لضيق ذات اليد، آخر قطعة لحم تذوقها كانت قبل عام في عيد الأضحى، عندما أهداه جيرانه كوماً من اللحم، فأصبح على قول أهلنا (قرمان وصرمان) للحم حتى صار كل همه أن يحصل على (العضة) مهما كلفه الأمر، المهم أنه بطريقة أو أخرى تحصل على كيلو من اللحم، فأسرع به إلى البيت وطلب من زوجته أن تطبخه لحين عودته من العمل، بعد يوم عمل شاق عاد الرجل إلى بيته وهو يتلمظ و(يتمطق)، ممنياً نفسه بوجبة شهية من اللحم، ولكن زوجته التي كانت مثله في شوق عارم للحم، كانت قد قضت على الكيلو بكامله، قالت له إن الكديسة قد أتت على كل اللحم في غفلة منها، أصابت الرجل خيبة كبيرة ولم يقتنع برد الزوجة، وانتابه الشك، كيف يمكن لهذه الكديسة الصغيرة أن تلتهم كيلو بحاله، أضمر في نفسه شيئا وطارد الكديسة حتى أمسك بها، ثم أمر زوجته أن تتبعه إلى صاحب الكنتين، وهناك طلب من بتاع الكنتين أن يزن الكديسة، فكان وزنها كيلو، هنا نظر شذرا لزوجته وقال لها بغضب (الكيلو دي الكديسة أها اللحمة وينا)..
سؤال هذا الزوج الغاضب يصلح أن نوجهه للسلطات باسم كل الغاضبين من الغلاء الفاحش عن برنامج سلعتي الذي دشنته الحكومة رسمياً قبل أكثر من اسبوع ولم يجدوا أثرا له حتى الآن، وحق لهم ان يتساءلوا مستنكرين (دشنتوا البرنامج أها السلع وينا)، اذ لا وجود فعلي على الارض وداخل الاحياء حتى الآن لبرنامج سلعتي، الامر الذي تبدو معه وزارتا المالية والصناعة والتجارة وكأنهما جهزا الحبال قبل الحصول على البقر كما يقول مثل شعبي آخر في المفارقة التي تقع بين القول والفعل وبين النظرية والتطبيق، فمما لا يختلف عليه اثنان ان برنامج سلعتي هو بلاشك من الناحية النظرية برنامج جيد، ولكن التنظير الجيد اذا لم يصحبه تحضير جيد وتنفيذ جيد سيتحول الى (فشل جيد) اذا صح القول بجودة الفشل، والشاهد ان هذا البرنامج الجيد لم يواكبه تنفيذ جيد بدلالة انه مايزال حتى اللحظة حبيس (النظرية) ولم يجد حظه في التطبيق، ولا ندري ما الذي تسبب في تعثر هذا البرنامج الذي تحمست له الحكومة جداً وراهنت عليه لضبط السوق ووقف التصاعد المستمر للأسعار وكبح جماح التضخم، فهل استعجلت الحكومة في التدشين قبل أن تستكمل مطلوبات ضرورية للتنفيذ، كأن تكون قد تعثرت في تدبير الموارد المالية الكافية التي تضمن انطلاقة حقيقية للمشروع، خاصة ان المشروع ممول بواسطة وزارة المالية، ولا يخفى حال المالية التي تجد اليوم عنتا ومشقة كبيرين في توفير المرتبات التي قررها البدوي بلا تدبير ولا كتاب منير، أم ان تعثر البرنامج وهو مايزال طفلاً يحبو يعود للجمعيات التعاونية التي لم تتأسس بعد وتنتشر في كل الربوع والنجوع والانحاء، أم ماذا هناك بالضبط وما الذي جرى لهذا البرنامج ليصاحبه الفشل قبل أن يبدأ..

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد