صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

بصفته الشخصية

15

حديث المدينة
عثمان ميرغني
بصفته الشخصية

 

 

 

 

الأستاذ عبد الواحد محمد نور استلهم تجربة الدكتور جون قرنق بعد الإطاحة بحكم الرئيس الأسبق نميري، قرنق وصف حينها الحكم الجديد بعد ثورة أبريل 1985 بأنه “مايو تو”، أي امتداد للنظام المخلوع.. وعندما التقى قرنق برئيس الوزراء حينئذ السيد الصادق المهدي ولمدة تسع ساعات كاملة قال قرنق إنه لقاء مع الصادق بصفته “الشخصية”.. الآن في لقائه برئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك بالعاصمة الفرنسية باريس، قال عبد الواحد إنه يقابل حمدوك بصفته “الشخصية”..

وفي تقديري أن حمدوك يستحق الإشادة لتجاهله هذه الصفة “الشخصية” ومضيِّه قدما في لقاء عبد الواحد رغم أنف الحرج البروتوكولي.. فالأهداف السامية تستحق غض البصر عن البقع الصغيرة في الثوب الأبيض.. ولكن مع ذلك يظل السؤال الأهم.. ما هو الطريق لتحقيق السلام في ظل مثل هذا النكران للصفة الرسمية فضلا عن الدخول في مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة؟.

من الحكمة أن ندرك أن الأستاذ عبد الواحد محمد نور رغم تشدده في التفاوض، إلا أن كثيرا من المعطيات تجعله الأقرب إلى السلام.. فقوام حركته “سياسي” أكثر منه “عسكري” وله أنصار كثر ارتبطوا به سياسيا وفكريا خاصة في الجامعات حيث ينال شبابه مركزا مقدرا في العمل والحراك السياسي.

حركة عبد الواحد سياسية أكثر منها عسكرية، والخطاب السياسي عادة مفتوح على مصراعيه في الهواء الطلق أكثر من غرف المفاوضات المغلقة.. ومن الممكن إدارة مفاوضات مفتوحة مباشرة ليس مع عبد الواحد بصفته “الشخصية” بل بصفته الجماهيرية المتصلة بالداخل السوداني..

ماذا يريد عبد الواحد؟ من واقع أدبيات حركته، يتحدث عن مطالب مبدئية “راديكالية” ذات اتصال مباشر بالنظام السياسي السوداني جملة وليس فقط النظام السياسي الراهن القادم من رحم الثورة الجماهيرية.. فهو مع الثورة وجماهيرها لكنه ليس مع حكومتها وسلطتها في كل المستويات.. ففي نظره لا تزال “حكومة الخرطوم”.. مع تبدل الأشخاص.

في تقديري مثل هذا المشهد يرسم خارطة طريق واضحة، تجعل المفاوضات مع عبد الواحد هنا في السودان على الأرض، مع الجماهير والقضايا التي يرفعها على أسنة الرماح.. قضايا تتجاوز دارفور جغرافيا وتتمدد في كامل السودان.. وبصراحة هذا أمر لو لم يطالب به عبد الواحد لكان الأوجب أن يكون على صدارة مطلوبات الثورة وأهدافها..

ولحسن الحظ، يبدو أن المسار الذي اختاره عبد الوحد قريب الشبه بما ينادي به الأستاذ عبد العزيز الحلو، مطالب قومية تقفز فوق “المحاصصات” وتوزيع أنصبة الحكم في كل المستويات.. وهو المسار الذي أراه أكثر حكمة وأفضل استدامة للسلام.. ويخاطب جذور القضية لا قشورها..

بصراحة مطلوب إعادة هندسة “منهج التفاوض” من جانب الحكومة.. فهو قائم على (ماذا تريد؟) سؤال مُوجَّه لقائد كل حركة لا جماهيرها

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد