صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

تبيدي والعزف على الوتر الحساس !!

13

القراية ام دق

محمد عبد الماجد

تبيدي والعزف على الوتر الحساس !!

كان محمد حامد تبيدي مسؤولاً عن ادارة الاعلام في جهاز الامن والمخابرات الوطني في العهد السابق ، وهو يمتلك خبرات كبيرة في ذلك المجال من خلال رتبته الرفيعة في الجهاز ، الى جانب خبراته في الاعلام وان كانت من منطلق (امني) مع ذلك كتب محمد حامد تبيدي الخميس الماضي بصحيفة (الصيحة) تحت عنوان (الرئيس حميدتي) ، كلاماً يمكن ان يهتك النسيج الاجتماعي في السودان ، ويمكن ان يقودنا الى فتنة ، ويحوّل الصراع (السياسي) و (الدستوري) الذي يدور الآن الى صراع (قبلي) ، لا اساس له ولا مرتكز ، رغم تبريرات تبيدي التي جاء بها في عموده (عسل مختوم).
لو كان محمد حامد تبيدي يجلس الآن في كرسى ادارة الاعلام من جهاز الامن والمخبارات ، لما سمح لهذا العمود ان ينشر ولكان الحساب غليظاً بعد ذلك بمواد قد تصل للاعدام بسبب تقويض النظام او تقويض النسيج الاجتماعي والامني في السودان كما كان يحدث عندما كان مديراً لإدارة الإعلام في جهاز الأمن الوطني والمخابرات في النظام البائد .
لا اقول ان الحريات الآن اوصلتنا الى هذه الشفافية (الصادمة) التي يكتب بها تبيدي ، ولكن اقول ان ما ذكره تبيدي لا اساس له من الصحة ، وان الكثيرين حاولوا ان يربطوا رفض ان يكون حميدتي رئيساً لجمهورية لاسباب عنصرية، واثنية لا يعرفها الشعب السوداني ولا يقبلها.
(2)
كتب تبيدي في عموده موضوع النقاش هذا : (أمراض وأوهام الاستعلاء العرقي الموروثة الكامنة في دواخل كثيرين منا، قد تجعلنا لا نقبل نفسياً ولا نستوعب نظرياً احتمال أن يترأس البلاد أحد أبناء البجا أو النوبة أو الرزيقات أو الأنقسنا أو الحسنات أو المساليت! وكَأنّ هُناك فرمانٌ مُقدّسٌ قال إنّ الرئاسة حصرية على إثنيات بعينها و(خُشُوم بيوت) لا يُعلى عليها!).
نسي تبيدي وهو وقتها كان مسؤولاً كبيراً في جهاز الامن والمخابرات كيف خرجت الخرطوم في عام 2005 لاستقبال الدكتور جون قرنق الذي كان ينظر اليه النظام بالكيفية التي يكتب عنها تبيدي الآن… وكيف تمنى الشعب ان يكون قرنق رئيساً لجمهورية السودان؟.
لقد خرج الشعب السوداني في استقبال الدكتور جون قرنق في زحف جماهيري لم تشهده البلاد ولم يعرفه مطار الخرطوم للصادق المهدي او محمد عثمان الميرغني او الزعماء العرب عندما زاروا الخرطوم في مفصليات هامة وخطيرة حين رفعت العاصمة القومية شعار (اللاءات الثلاث ).
الحرب التي كانت تدور بين الشمال والجنوب لم تعرف افريقيا مثلها في نطاق الحروب الاهلية ولم يسلم أي بيت سوداني من شهيد او اثنين بسبب تلك الحرب مع ذلك خرجت الخرطوم بكل حب وشوق لتستقبل جون قرنق دون ان تضع اعتباراً للإثنيات التي يتحدث عنها تبيدي.
ثم ان تبيدي لو نظر في الاتجاه الاخر لوجد ان معظم قيادات الحرية والتغيير من دارفور وتلك المناطق التي اشار لها ، وحتى المرشحين لرئاسة الوزاء ولمجلس الوزراء غالبيتهم من دارفور الحبيبة.
(3)
لم يتوّحد الوجدان السوداني ويتفق صوته ، كما اتفق الآن ، هذه الالفة التي هي بين الفصائل والقبائل السودانية لو انفقنا ما في الارض جميعاً ما ألفنا بين قلوبهم كما هي مؤلفة الآن بحمد الله وفضله وفضل الثورة من بعد ، فلماذا ينفذ محمد حامد تبيدي من خلال تلك النافذة التى لا تفتح إلّا لريح الفتنة والعصبية والشتات والحرب الاهلية.
هذه الثورة رفعت قبل غيرها شعار (كل البلد دارفور) وهذا امر كان سبباً في قيامها بعد الذي تعرضت له دارفور واهلها من النظام السابق.

وتبيدي ادرى بذلك!! .. كيف له ان يخرج ونحن في رحاب هذه الثورة ليقول : (ما المُشكلة أن يصبح قائد الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو موسى رئيساً لجمهورية السودان؟ دَعك من زُهده وعَدم رَغبته في الرئاسة، ودَعك من شُرُوط وآليات ذلك، ولنتحدّث عن المَبدأ وحَق أيِّ مُواطنٍ سُوداني في ترؤس البلاد وقيادتها.. ما الذي يمنع القائد حميدتي أن يصبح رئيساً لجمهورية السودان؟).
من الكوارث ان تناقش امراً لا تسمح له الدساتير ولا الاتفاقيات التي توقع بين الطرفين الآن.
الامر قانونياً لا يمكن فلماذا يقفز تبيدي الى تلك (المبادئ) وهو يعرف سماحة الشعب السوداني وجمال اصله… ويمكن لحميدتي الآن ان يقود مجلس السيادة رئيساً له بدلاً من البرهان..لا سلطة لنا في ذلك… اما ان يكون رئيس الجمهورية (عسكرياً) فهذا امر حسمته الثورة وتفجرت لرفضه.
لقد رفض الشعب السوداني كله الفريق اول عوض بن عوف وهو يقتلع لهم رأس النظام السابق ولم يفرح الشعب السوداني قط قدر فرحه بتنحي عوض بن عوف الذي جاء من نهر النيل جامعاً بين (الجعلية والشوايقة) في شخصه… وان كنت اتأسف على ان اجاري تبيدي في نظرته واكتب بهذا التصنيف (القبلي) المجبر عليه.
الشعب السوداني ليس له غضاضة في حميدتي ولا يرفضه بهذا المنظور الذي ينظر به تبيدي وان حاول طرف ثالث تغذيّة هذا (المكر) الذي نرفضه و(الكيد) الذي لا يريد به إلّا أمن الوطن واستقراره.
لحميدتي كل التقدير ولقبيلته ، وان حاولت بعض الاصوات ان تلعب في هذه المنطقة فهي ليست منّا ولا من مكونات الشعب السوداني العظيم… واحسب ان رفض قبائل دارفور لحميدتي الآن اكبر من رفض قبائل شمال السودان له.
الشعب الآن كله – في دارفور وفي الشمال ..في الجنوب وفي الغرب ينادي بالحكومة (المدنية) ويرفض الحكومة (العسكرية) بغض النظر عن فصيل هذا الجسم ودن التوقف عند خلفيته (القبلية).
لماذا لم يتحدث محمد حامد تبيدي عن (البرهان) ، الذي يقابل بنفس الاحساس الذي يقابل به (حميدتي)؟.
(4)

الذي ندهش له حقاً ، ان تبيدي بعد كل تلك المقدمات التي ساقها لرفض الشعب السوداني ان يكون حميدتي رئيساً للجمهورية كتب في نفس العمود موضع الذكر : (رجل ينحدر من إحدى أشهر وأكبر القبائل العربية في بلادنا، ومن أسرة العمدة دقلو، هل يحق لنا أن ننكر عليه سُودانيته، فقط لأنّنا نختلف معه أو أنّه لا يعجبنا؟).
اذاً لا اساس للتسويقات (القبلية) التي ساقها تبيدي في مبررات الرفض لحميدتي ولا موضع لـ(خشم البيوت) التي جاء بها في تعزيزاته الكيدية… والموضوع كما قال موضع (اختلاف) في الرأي والسبل والغاية.
امس في مساحته بصحيفة (الصيحة) كتب تبيدي تحت عنوان (حميدتيات) ، وهذا امر لوحده يثبت ان المحور (شخصي) وان المنظور الذي ينطلق منه تبيدي منظور (احادي) ، يحاول تبيدي من خلاله ان ينقل (الخلاف) الى مربع كان يحسن النظام السابق اللعب فيه.
اقول النظام السابق وليس الشعب السوداني.
ولحميدتي كل الاحترام – ارجو ألا تشحن قريحته بهذه (الاثنيات) القاتلة وهو في موضع (قومي) يستوجب منه دائماً السمو والصفح والتغلب على مثل هذه (الصغائر) ، التي لا موضع لها ، إلّا عند الذين يريدون ان يقودوا السودان الى مواقع الهلاك… ولا احسب ان تبيدي منهم وان كان في السابق يحاسبنا بهذا المفهوم.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد