صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

تعاطف

7

لأجل كلمة

لينا يعقوب

تعاطف

حينما بدأت دقائق الانقلاب على محمد أحمد المحجوب عام 1969، حضر ضباط إلى منزله وأبلغوه أن لهم أوامر باعتقاله، قال لهم: أعطوني فرصة أجهز حقيبتي.
ذهب المحجوب ورفع سماعة الهاتف الثابت، فإذا به يُفاجئ بوجود “الخط”.. فاتصل على من أراد من الناس وأخذ حقيبته وذهب للضباط، وقال: “من أبجديات الانقلاب قطع خطوط الاتصال وعزل من تنقلب عليه عن العالم الآخر”.
وبعد مرور عقود، مازالت الاعتقالات في السودان على ذات نهج سابقة المحجوب.
يُقال إنه تم اعتقال رموز النظام، لكن “الهواتف تعمل” و”الواتس مفتوح”، والاتصالات موجودة، وكأن من أراد إيهام الجميع بالاعتقالات يحاول كسب ودهم.
المجلس العسكري الانتقالي، يحاول بتكتيك، كسب عطف الثوار والمعتصمين أمام القيادة العامة، إثر إصداره في كل يوم قرارات “ثانوية، تفصيلية” ليست “أساسية، عامة”.
على سبيل المثال، بدلاً من أن يُعلن عن إصلاح الخدمة المدنية في وزارة الخارجية وإلغاء التعيينات السياسية، يصدر قراراً بإعادة وإنهاء خدمة سفيرين فقط هما “محمد عطا ومصطفى عثمان إسماعيل”.
وبدلاً من شن حملة حقيقية لمحاربة الفساد المستشري في البلاد، يسير في ذات نهج الدولة السابقة بإلقاء القبض على قيادات، لمجرد الاشتباه والتحري، لا لوجود دلائل وبينات على الاتهام.
ويقول إن المؤتمر الوطني لن يكون مشاركاً في الحكومة الانتقالية، لكن تتم دعوته في أول اجتماعات المجلس مع القوى السياسية.
وبدلاً من كسب الوقت، والتفاوض مع المهنيين أو القوى السياسية حول تمثيل مدني في المجلس الانتقالي، أو مجلس السيادة، للإسراع في تشكيل حكومة انتقالية وسد الفراغ الدستوري، يمضي الزمن في قرارات ينشغل فيها الشارع لساعة أو ساعتين، ويترك ما هو أهم.
من المعلوم بالضرورة، أن القوى السياسية اتفقت على محاربة العدو – الحكومة السابقة – لكنها اختلفت وستختلف أكثر بعد انتهاء المهمة.
لذا، ليس من الضرورة انتظار المجلس العسكري لتلك القوى المعارضة لتحل خلافاتها، فالأهم تلبية المطالب الحقيقية التي خرج إليها الشارع، اقتصادياً وإنسانياً وسياسياً.
لا وقت لتصفية الحسابات ولإعادة الأخطاء، لقد خرج الشارع بعد أن رأى الفساد، وشعر بالظلم، وأدرك أن لا قيمة للإنسان عند الحكومة السودانية، فثار واحتمل العنف والقسوة لأكثر من أربعة أشهر، ما كل فيها ولا مل، وهو ما يدعو المجلس العسكري بوضع المشهد كاملاً نصب أعينهم.
الزمن يمضي وهناك الكثير والكثير!

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد