صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

تعليم طبقي

12

 

 

 

كلام صريح

سمية سيد

تعليم طبقي


)لا مجانية في التعليم، حتى نكون صادقين.(
آخر رصاصة رحمة أطلقتها مشاعر الدولب وزيرة التربية والتعليم، على شعار مجانية التعليم الذي طالما تمشدقت به الحكومة.
لحظة صدق لا تحسد عليها المسؤولة الأولى في الدولة عن مسيرة التعليم في بلادنا وهي تؤكد أن مجانية التعليم أمر مستحيل ولا توجد مجانية في التعليم.
بحسب التقارير الرسمية للدولة فإن نسبة الفقر تصل 40% من نسبة السكان فيما تشير تقارير صحفية إلى أنها أعلى من ذلك.. وهذا يعني أن كثيرا من فئات المجتمع عاجزة عن الصرف على تعليم أبنائها. ومع ارتفاع تكاليف المعيشة نجد كثيرا من الفقراء يدفعون أطفالهم إلى العمل بدلا عن مقاعد الدراسة.
أول أمس حضر طفل )12 سنة( إلى طبيب الأسنان لخلع ضرس.. الطبيب كتب له إجازة عن الدراسة 3 أيام لمعالجة الالتهاب الحاد، ليُفاجأ من إجابة والدته بأنه )بمشي الشغل في المنطقة الصناعية وليس المدرسة(.. الإجابة كانت جاهزة على السؤال.. لماذا؟ قالت الوالدة )هو الولد الكبير ومافي غيره يشيل الحمل(.
المسؤولون في الحكومة كانوا إلى عهد قريب يكابرون ولا يعترفون بأن الدولة رفعت يدها تماما عن التعليم.. كانوا يصرون على مجانية التعليم وعن عدم فرض رسوم على تلاميذ المدارس الحكومية لمرحلتي الأساس والثانوي ويكابرون بعدم الاعتراف بأن بعض التلاميذ تم حرمانهم من الجلوس لامتحانات الشهادة لإخفاقهم في دفع الرسوم.. أخيرا الدولب قالت: )نكون صريحين(.
ليس هناك أفضل من الشفافية والصراحة مهما كانت العواقب والنتائج. وما يمكن أن تقود له هذه الصراحة من حنق وغضب مجتمعي على تحويل التعليم إلى تجارة تستهدف أبناء طبقات معينة في المجتمع ويحرم منها من لا يستطيع شراء العلم.
التدهور المريع الذي صاحب العملية التعليمية أمر واضح وضوح الشمس.. خلال الـ 20 سنة الماضية تحولت المدارس الحكومية من منارة التعليم في البلاد بما تدفع به من طلاب نجباء إلى الجامعات، إلى مؤسسات تفتقر إلى أبسط المقومات.. تدريجيا انهار التعليم الحكومي وقفزت مؤسسات التعليم الخاص ورغم ذلك ظلت المدارس الحكومية آخر أمل لتعليم أبناء الفقراء قبل أن تقول الوزيرة ما قالته في لحظة صدق.
وزارة التربية والتعليم تصدر قرارات بإلزامية تعليم مرحلة الأساس، فكيف يمكن أن تنفذ قراراتها هذه وهي لا تستطيع أن تصرف على العملية التعليمية من ميزانية الدولة؟
في كل دول العالم حتى دول العالم الثالث، ومهما كانت درجة فقر الشعوب تهتم الدولة بالتعليم لأنه أساس التغيير ونهضة الأمم.. لم أجد دولة عربية ولا إفريقية واحدة لا تصرف على التعليم على الأقل لمرحلة الاساس. بل إنها تلزم الأسر بالقانون بإلحاق أطفالها بالمدارس وتمنع التسرب.. وهذه هي أبسط حقوق الطفل التي تلزم بها المؤسسات الدولية الحكومات.
قبل تصريح الوزيرة )الصاعقة( وضع التعليم في بلادنا معلوم من حيث حال المدارس وافتقارها لكل شيء بدءا من السور إلى الفصول والمعلم انتهاءً بدفع أولياء الأمور لفواتير المياه والكهرباء وشراء المكانس.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد