صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

توقيت سيء

9

نبض الوطن

احمد يوسف التاي

توقيت سيء

منذ اقتلاع البشير من الرئاسة، وحتى قبيل إعلان نتائج تقرير لجنة النائب العام حول فض الاعتصام، لم أجد إجماعاً سودانياً على أمر كما هو الحال في إجماع الشارع السوداني على رفض تقرير لجنة النائب العام، فلم أجد من يدافع عنه حتى رئيس اللجنة تقاصرت قامته القانونية والبلاغية عن الدفاع عنه أمام الصحافيين، فقد توارى الرجل عن الأنظار عقب الانتهاء من المؤتمر الصحافي الذي عقده وتهرّب من أسئلة الصحافيين بحجةٍ لم تُقنع أحداً، إذ لم يحدث في الدنيا أن يكون هناك مؤتمرٌ صحافيٌ دون أن تُتاح فيه فرصة لأسئلة الصحافيين، مما يعني العجز عن المرافعة عمّا جاء فيه..
بعد الإجماع على ضعف محتوى التقرير وإغفاله لكثير من الحقائق، واعتراف رئيس اللجنة بنقائصه وحاجته الماسة للاستكمال، يلزمنا أن نقفز إلى قضية أخرى من القضايا التي صاحبت نشرالتقرير، وهي قضية توقيت الإعلان عنه..وفي رأيي هناك قضية حساسة جداً ومثيرة للشكوك تتعلق باختيار هذا التوقيت لإعلان نتائج التقرير المعيب والمثير للجدل والغضب على حد السواء، فلماذا اختارت اللجنة هذا التوقيت بالذات؟!!فهل تقصد إثارة الشارع، واستدرارالمواجع والأحزان وإعادة الأمور إلى مربع التوتر؟.
فقد جاء إعلان نتائج التقرير متزامناً تماماً مع الوقت المحدد لمناقشة الإعلان الدستوري بين ممثلي المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير، وهو إعلان به كثير من المطبات ونقاط الخلاف بين الطرفين، مما يثير كثير من الشكوك..
إعلان نتائج التقرير في هذا التوقيت قد يكون بحسن نية أو مجرد صدفة، وقد يكون غير ذلك، ولكن النتائج وردة فعل الإعلان هي ما تحمل الناس على سوء الظن أو حُسْنه، فما أن أعلنت اللجنة أمس تقريرها المنقوص والمُعيب، حتى اشتعلت الشوارع والأزقة كردة فعل متوقعة تماماً، وكان يمكن أن تُحدث انزلاقاً أمنياً لاتقل حصيلته عن حصيلة ضحايا فض الاعتصام،خاصة وأن “كتائب” حصد الأرواح لاتزال “تبرطع” دون مساءلة أو محاكمة منذ ارتكابها مجزرة سبتمبر 2013 مروراً بأحداث الثامن من رمضان وفض الاعتصام ومليونية 30 يونيو. ففي أي وقت يمكن أن تخترق الجيش والشرطة والدعم السريع وتفعل ما تريد..
أعود وأقول إنّ توقيت إعلان نتائج التقرير في تقديري يحتمل فرضيتين: الأولى تُؤسس على سوء النية والتدبير، هذا بالطبع إذا كانت اللجنة تدرك أن تقريرها المنقوص والمعيب سيرفضه الشارع السوداني وسيُقابله بالاحتجاجات والهياج، وبالتالي يُحدث بلبلة في الشارع..
والفرضية الثانية، تقوم على حُسن النية والصدفة وهذا لايليق بلجنة قانونية يفترض أن تراعي كل الاحتمالات وكل ردة فعل متوقعة..
على أي حال، فإن ردة فعل التقرير كانت عنيفة في الشارع وهو أمر متوقع، وكان يمكن أن تفتح الباب أمام شلالات دم جديدة وضحايا جدد، وبالتالي تزيد من شقة الخلاف بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري. لذلك لابد لقوى الثورة أن تعي جيداً ولاتنساق وراء حيل الثورة المضادة، ومكائد الدولة العميقة ، فليبقى الشارع رافضاً للتقرير وحريصاً على سلميته ومتمسكاً باللجنة المستقلة دون الحاجة إلى إغلاق الشوارع..
الـلهم هذا قسمي فيما أملك
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الـله، وثق أنه يراك في كل حين.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد