صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

جرائم طلاب الجامعات

11

من الآخر

اسماء جمعة

جرائم طلاب الجامعات

في عهد النظام المخلوع أصبحنا نسمع كثيراً عن جرائم يرتكبها طلاب جامعات وصلت حتى القتل لأسباب مختلفة، بل الأمر شمل حتى تلاميذ المدارس وهو الآن في تزايد مستمر، وكل يوم تخرج علينا الصحف بعناوين على شاكلة طالب جامعي يرتكب جريمة قتل بشعة، طالب يقتل صديقه، أو القبض على طالب جامعي يروج مخدرات أو يتعاطاها أو يتورط مع مجموعة أخرى في سلسلة جرائم، أو طالب يضرب زميله ويتسبب له في الأذى الجسيم وغيرها من جرائم لا تشبه الطلاب وغير متوقعة منهم.
خلال هذا الشهر فقط وقعت ثلاث جرائم قتل بشعة ارتكبها طلاب جامعيون، آخرها كانت أول أمس في مشاجرة لا ندري سببها وأتوقع أنها مشكلة بسيطة، وقبل أسبوعين قام طالب طب بمساعدة أجنبي بقتل سيدتين وتقطيعهما، هذا غير الجرائم التي لا نراها ولا نسمع عنها في وسائل الإعلام، ولا أدري كم عدد ونسبة الجرائم التي ارتكبها الطلاب في السودان، ولا أدري إن كانت الشرطة تملك إحصائية عنها أم لا، ولكن بلا شك الجميع لاحظ أنها ازدادت وتعددت أشكالها بصورة تدعو إلى القلق.
بلا شك الأمر لم ينبع من فراغ وهذا يجعلنا نتساءل، ما الذي حدث وطرأ على حياة الطلاب؟ وهل ارتكابهم للجرائم يحدث صدفة أم مع سبق الإصرار والترصد، بمعنى هل هو نتيجة ظروف وقتية أم نتيجة عملية طويلة تدرج خلالها الطالب حتى تحول إلى مجرم أو إلى إنسان عنيف؟ وكم جريمة ارتكبها الطالب قبل جريمته الأخيرة التي أوقعته في يد الشرطة؟ وما هي الأسباب الحقيقية التي تقود طلاب الجامعات إلى ارتكاب جرائم خطرة هم جميعاً على علم تام بأن عقوبتها تصل إلى حد الإعدام والمؤبد.
لا أعتقد أنَّ الأسباب مجهولة فهي نتيجة سياسات النظام المخلوع منذ وصوله إلى السلطة قبل ثلاثة عقود، حين قام بزيادة عدد الجامعات دون دراسة وغير السلم التعليمي والمنهج، وأضعف المدارس الحكومية التي أصبحت ترفد الجامعات بطلاب صغار سن وغير مؤهلين بما فيه الكفاية، لتستقبلهم جامعات هي الأخرى غير مؤهلة، وزاد الأمر سوءاً سياساته الاقتصادية التي أدت إلى إفقار المجتمع وحرمانه من الاستقرار، ومن ثم عدم قدرة الأسر على توفير الرعاية الاجتماعية السليمة ففشل الكثيرون في تربية أبناء مؤهلين نفسياً واجتماعياً لمواجهة الحياة والتعامل مع المشاكل. والحل يكمن في تبني سياسات عكس التي تبناها النظام المخلوع.
أعتقد أنَّ زيادة عدد جرائم طلاب الجامعات ينذر بكارثة وهو بمثابة جرس إنذار لتجنب ما هو أسوأ، من خلال إعادة النظر في التعليم العام والعالي والاهتمام بملء فراغ الطلاب بالدراسة والأنشطة اللا صفية والبحوث والتشجيع على الإبداع، وتوفير خدمة الإرشاد النفسي والاجتماعي في المدارس والجامعات، والأهم من كل ذلك إعادة تأهيل المجتمع من خلال العمل على تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي للمجتمع.

التيار

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد