صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

حسين خوجلي يكتب: الحزب الشيوعي يلهث لاسترداد حمدوك

33

 

 

كان الراحل عبد الخالق محجوب سكرتير الحزب الشيوعي في محبسه بسلاح الذخيرة عام 71 وهو يعد لانقلابه المشؤوم دائم الشكوى الغاضبة لمجموعة الضباط وضباط الصف والجنود من الشيوعيين الذين كانوا يحرسونه ترقبا لهروبه الكبير وهو يبثهم الشكوى الحارقة من قيادات الرفاق الذين خانوا الحزب وقادوا الانقسام تمسحا بغنائم السلطة المايوية وان انتهازيتهم وحدها هي التي قادتهم لهذه الخيانة وكان يذكر نقائصهم واحدا واحدا معاوية سورج وعمر مصطفى المكي واحمد سليمان وفاروق ابوعيسى والدكتور الطاهر عبد الباسط وكبج والدكتور يوسف بشارة ومحسي وسمير جرجس وعبد الله عبيد ومحمد احمد سليمان واخرين على المستويات الوسيطة في الحزب بالعاصمة والاقاليم ولكن كانت له موجدة خاصة ولعنات وزفرات حرى تسقط كالحمم حين تأتي سيرة احمد سليمان وفاروق ابوعيسى بل انه يتبرع بمعلومة خطيرة مفادها انه واثق بان احمد سليمان وابوعيسى كانا عميلين بالمخابرات المصرية منذ ايام الطلب الاولى وظلا بهاحتى الوزارة وكان يقول بان احمد سليمان كان يحرض نميري عليهم وكان ابوعيسى يقيم حلفا غير مقدس مع القوميين العرب لضرب الحزب الشيوعي لعلاقته الخاصة ببابكر عوض الله والسفير المصري بل انه كان يزيد بان ابوعيسى كان وراء الحملة الجامحة لتشويه سمعته واغتياله ادبيا بزواجه من الرفيقة نعمات مالك بل انه كان وراء كتابة بيان حتيكابي الصحفي بالميدان الذي اخرج منشوره الشهير (كيف رضي قائد حزب الطبقة العاملة ان يقترن بفتاة فيها كل نقائص البرجوازية الصغيرة) وقد استطاع عبد الخالق ان يورث هذه البغضاء لكوادر الحزب ومعها تراجيديا 19 يوليو ومجزرتها الشهيرة لكل الخلف والقيادات التي الت اليها الامور واتخذها الخلف من بعده انجيلا.

المشهد الثاني :

للشيوعيين ضعف تاريخي تجاه الرفاق الاثرياء واصحاب الاستثمارات الخاصة والحزبية رغم ادعائهم الزهد الثوري ويبدو انهم قد ورثوا هذه الصفة المرذولة من شيخهم كارل ماركس الذي كان تابعا لفريدريك انغلز ابن الاسرة الثرية والذي ظل يصرف ويتحمل اعباء ماركس واسرته في كل مراحل صداقتهما وهو الذي كتب معه المانفستو الشيوعي الشهير احد اهم وثائق الفكر الماركسي . كما ان للشيوعيين ضعف اكبر من ذلك بكثير من اصحاب الوظائف الاقليمية والعالمية واصحاب الرتب والمقامات ولذلك سعوا جاهدين لاعادة فاروق ابوعيسى بعد ان اصبح نقيبا للمحامين العرب لحظيرة الحزب رغم كل الاحن والخيانات والتاريخ الاسود كما وثقوا في منشوراتهم التي طفحت بكل الرزائل الحقيقية والمتخيلة لدرجة انها لا تصلح للاعادة ولكن ان كنت ماديا فامامك فضاء من الزرائعية يحتمل كل التنازلات خاصة وان الشاهد في دراسة الجدوى حول الرجل اسر لهم بان الرجل لم يهتدي مثل احمد سليمان فمازال على ماركسيته فكريا ومادام الامر كذلك فان الاعادة لاسوار الحزب هي مجرد تمزيق لبطاقة قديمة وتحرير اخرى جديدة.

المشهد الثالث :

وفي جلسة موثقة خفتت فيها الاضاءة ولم تشرق فيها الانفس جلس مجموعة من الرفاق القدامى العواجيز وكان ابوعيسى يجلس في وسطهم وهو يحدق صوب الارض في مذلة مفتعلة حيث قرأ وريقة النقد الذاتي وهو تقليد يشبه جلسات صكوك الغفران لدى الكهنة والاعتراف عند الاحبار والماسونيين ومنها اقتبس الرفاق طقوس النقد الذاتي هو ان تكشف كل خطاياك الخاصة والحزبية ويبدأ بعدها قدامى الرفاق في التقريع والانتقاد ويصدر بعد ساعات العفو الماركسي الكهنوتي ويعود الكادر لاروقة الحزب مع قائمة من التكليفات تتناسب مع وضعه الجديد والحق يقال بان عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي فاروق ابوعيسى بعد العفو المركزي بذل مجهودات جبارة في تسكين اغلب تكنوقراط الرفاق في وظائف معتبرة في العواصم النفطية والعواصم الغربية والمنظمات وقد استغل في ذلك منصبه المرموق لدى العواصم التقدمية بالعالم العربي والتقليدية على حد سواء فالرجل فيه ظرف ومصانعة وتودد لدى الكبار اشتهر به منذ ان كان فتى الحزب المدلل وهو صبي الى ان شاخ في منصب النقيب بل انه استطاع ان يجعل تزكية الحزب الشيوعي مقبولة حتى للاجهزة التخابرية وداخلية الحكومة البريطانية وقد كان احمد سليمان يعلق على ذلك ضاحكا وهو يرقب تنامي اليسار الامريكي الجديد بقوله ( ان الكفر ملة واحدة) ومن نفائل الرجل كما يقول السودانيون انه حاصر الاسلاميين عبر موقعه في كل الدوائر بالاستعداء والتحريض وللرجل حقد شهير للثوابت يسوقه تحت محاربة الاسلام السياسي والارهاب السلعة الحرام التي تفتح ابواب الصهاينة والصليبيين ضد كل ما هو طاهر وعريق. ورغم موقع الرجل الذي يفترض ان يكون فيه حياديا الا انه اخذ الاذن من سادته الاقليميين ليصبح المستشار الاوحد لكل تحركات المعارضة المدنية والعسكرية ضد الانقاذ وليصبح احد الاساطين الذين ادخلوا قرنق والتمرد بلاط الحكام العرب والامراء والملوك بثمن بخس ومذلة تاريخية ستطارده الى الابد

المشهد الرابع :

سالت احد الصحفيين الاعلاميين وهو يساري قديم قريب هذه الايام من مراكز اتخاذ القرار عن الكراسة الفكرية للدكتور عبد الله حمدوك ورغم ثقتي في امكاناته الذهنية الا انه ردد امامي كالببغاء سيرة الرجل الاكاديمية والعملية فقلت له ساخرا اني لا اريد السي في لانني لا ارغب في تذكيته لمنافسة اسيويين لمصرف خليجي جديد اني اسالك عن سيرته الفكرية فطلب مني الافصاح فقلت له يا اخي ان الاستخبارات العالمية ومتخذي القرار السياسي والامني والاقتصادي لا يمكن ان يتعاونوا مع بلاد في حجم السودان وخطورته الا اذا عرفوا سيرة الرجل الاول الفكرية التي تشكل الماكينة العقلية والعاطفية في ادارته للامور وهل هو اسلامي هل هو علماني هل هو شيوعي هل هو اشتراكي هل هو ليبرالي هل هو مجرد تكنوقراطي تحركه تأثيرات المصالح الانية هل هو براغماتي ما هو موقفه من الصراع الحضاري الدائر ماهو موقفه من الصراع التاريخي للقضية المركزية للعرب والمسلمين قضية فلسطين ماهو موقفه من هجمة الاستعمار الجديد والصهيونية وحركة الالحاد المعاصرة والعلمنة وبراثنها التي تغرزها الان في جسد الشرق الاسلامي المستباح ما هو موقفه من الحكومة العالمية التي يتم الترويج لها عبر اكاذيب حقوق الانسان ومساواة المراة بالرجل والحق العدمي للمثليين والسحاقيات ووثيقة سيداو وسموم السيطرة عبر البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومجموعة باريس وكل مراكز الربا والاغراق في الاستدانة لتكبيل النخب الحاكمة والشعوب، ما موقف حمدوك من كل ذلك؟ ان من حق هذا الشعب الذي حكمه الخليفة عبد الله والازهري وعبد الله خليل وعبود وسر الختم الخليفة والمحجوب ونميري وسوار الدهب والصادق المهدي والبشير وقد خبر عن كل هولاء افاداتهم الفكرية والعقدية وموقفهم من ثوابت الاغلبية من حقه ان يعرف اين يضع الدكتور عبد الله حمدوك وسط هولاء بعد ان يبرز الكارنيه الفكري له بلا مواربة او تجميل. للاسف لقد فشلت كل الحوارات الصحفية والاذاعية والتلفزيونية واللقاءات الخاصة مع الجاليات والنخب ان تبرز للشعب السوداني من هو هذا الرجل فكريا لان في معرفته الفكرية يبرز المدخل الجلي حول مستقبلنا الدستوري والسياسي والاقتصادي ومستقبل السودان القادم بكل كلياته وتفاصيله، من حقنا ان نعرف ثقافة الرجل وقراءاته ومزاجه الثقافي ما مدى معرفته بالغزالي وابن رشد وابن عربي وما عمق معرفته بمحمد عابد الجابري و محمد عمارة وزكي نجيب محمود و ديكارت ونيتشه وهيغل وكانط وماركس ومالك بن نبي و ابو القاسم حاج حمد ومنصور خالد والترابي والصادق المهدي ومن حقنا ان نعرف ملامحه السودانية في الثقافة ماذا يعرف الرجل عن مدرسة الفجر والابروفيين ومدرسة الموردة والهاشماب الادبية ماذا يعرف عن عرفات محمد عبد الله والشيخ الطيب السراج وعبد الله حامد الامين ومعاوية نور وحسين شريف والتجاني يوسف بشير والعباسي ومحمد المهدي المجذوب وصلاح احمد ابراهيم وعلي المك والفيتوري وحمزة الملك طمبل وماذا يعرف عن ود ضيف الله وحاج الماحي وخليل فرح وودالفكي وصالح عبد السيد وحياتي وكرومة ووردي والكابلي. وبعد ذلك تطل المراحل السياسية والمدن والساسة والظرفاء والمستطرف السوداني والرياضة والفنون والذكريات. من حقنا ان نعرف كل شيء فهو كبيرنا بالمشيئة او بالقدرية او بالانتخاب الطبيعي او بالقاعدة الذهبية كيفما تكونوا يولى عليكم

المشهد الخامس :

لقد قالها الحزب الشيوعي التقليدي بقيادة الخطيب وايضا قالها الحزب الشيوعي الجديد عبر الاصدقاء الذين يتحلقون حول الرجل بقيادة الدكتور الشفيع خضر بان حمدوك حتى قبل سنوات قلائل كان عضوا في الحزب الشيوعي السوداني وكان نشطا ودافعا منتظما للاشتراكات ومثل هذا الاعتراف الخطير يتطلب من السيد رئيس الوزراء نشر بيانه الفكري بلا غبش هل ترك الحزب تنظيميا ام فكريا وماذا كانت فحوى الاستقالة وما الذي بقي بينه وبين الرفاق من وشائج وما علاقته وهو بالخارج باليسار الامريكي الجديد وعلاقة هؤلاء بالشركات المتعددة الجنسيات والمنظمات العالمية التي تقود العواصم الغربية والاقليمية عبر شبكة حقوق الانسان وقوانين التساوي العلماني الجديد. من حقنا ان نعرف ومن حق الرجل ان يقول فهو في موقع وموقف لا يحتمل المداراة او التخفي ليس من اجل المحاكمة ولكن من اجل التوثيق التاريخي خاصة واننا نرقب بكثير من الحذر والخوف المحاولات المستميتة لاستعادة الرجل عبر صديق يوسف الماركسي السلفي والشفيع خضر الماركسي الحداثي، من حقنا ان نخاف على رئيسنا ومن حقنا ان نخاف على عهدنا الانتقالي ومن حقنا ان نخشى على مستقبل معتقد الأغلبية ومن حقنا ان نخاف على رفقة الرجل مع قدامى الرفاق فلهم للذي يعرفهم حظوة في الانس والاستمالة والاحابيل بصراحة الشعب السوداني يخشى ان يسترد الحزب الشيوعي القديم او الجديد الدكتور عبد الله حمدوك الى صفوفه على خطى فاروق ابوعيسى ولا نملك له غير الدعاء وصرخة الانتباهة ببيت الشاعر الحصيف :

وصاحب الشوق القديم وان تسلى .. مشوق حين يلقى العاشقينا !

صحيفة الانتباهة

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد