صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

حُكمٌ مُجْحفٌ عَلَى الشَّباب‎ !

7

من الآخر
أسماء جمعة
حُكمٌ مُجْحفٌ عَلَى الشَّباب‎ !


وزارة التعليم العالي، أقامت مُنتدىً لمناقشة مبادرة تبنتها لحل مشاكل السودان، يُشارك فيها بعض من أساتذة الجامعات.. وحسب صحيفة )التيار(، الأساتذة كشفوا عن جهاتٍ لم يسمُّونها تَستقطب الطلاب، ودَعُوا لتأجيل الدراسة عَامَاً كَامِلاً للحفاظ على أرواح الطلاب، وقالوا إنّ الحراك الذي يشهده الشارع الآن وسط الشباب ليس بسبب انتماءاتهم السِّياسيَّة التي لم تعد تُلبي طُمُوحاتهم، بل لعدم وجود برامج تمتص طاقاتهم.
بروفيسور حسن حاج علي مدير أكاديمية الأمن العليا، قال إن عدم وجود انتماءات سياسية دفع الأحزاب لاستقطاب الشباب الذين أصبحوا تائهين وضح ذلك بقوله )رِجِل جوّه ورِجِل برّه ورِجِل مع الحكومة ورِجِل مع المُعارضة(.
أولاً: الحقيقة الوحيدة التي ذكرها الأساتذة في المُنتدى، هي أن الشباب الذين يُشاركون في الحراك ليست لهم انتماءات سياسيّة، لأنها لم تعد تُلبِّي طُمُوحاتهم، وهذا يعني أنهم يعترفون بأنّ المؤتمر الوطني نفسه ليس استثناءً، بل هو أكثر الأحزاب تدميراً للطُمُوحات.
ثانياً: بالنسبة للاستقطاب السياسي مِن قبل الأحزاب فهو ليس عيباً ولا جريمةً، بل أمرٌ طبيعيٌّ في حُدُوده الطبيعيّة، غير الطبيعي هو الاستقطاب غير الشريف الذي يتم بالقوة وبالرشاوى واستغلال حاجات الناس وأماكن ضعفهم والطعن في الآخرين وتشويه سُمعتهم وتفتيتهم بِشَتّى الطُرق، وهذا لا يقوم به حزبٌ غير المؤتمر الوطني، فهو الحزب الوحيد الذي يُمارس كُلّ الطُرق المُلتوية لاستقطاب الناس، فهو المُتّهم الوحيد بنشر العُنف في الجامعات حسب ما أثبته الواقع والدراسات، والجميع يعرف ماذا فعل المؤتمر الوطني في الشباب خلال 30 سنة .
ثالثاً: تعطيل العام الدراسي عاماً كاملاً من أجل سلامة الطلاب هذه حجة لا تحقِّق غير مصلحة الحكومة فقط، مصلحة الشباب هي تحقيق أمنياتهم كلها في التّغيير والتجديد وفتح أبواب ازدهار السودان أمامهم، ولكن الذي لا شَكّ فيه هو تعطيل الجامعات وكل المُحاولات لن تُغيِّر رغبة الشباب العَامّة، وهم يملكون الوعي الكافي الذي يجعلهم يتعاملون مع الأحداث بفهمٍ إن كانت الجامعات مُعطلّة أو شغّالة إن كانوا هم عاطلين أو عاملين .
رابعاً: تفسير حراك الشباب بأنّه )عدم موضوع( ولعدم وجود برامج تمتص طاقاتهم فيه إهانةٌ لهم، فَهُم على قَدرٍ من الوعي الذي يجعلهم يتعاطون مع قضايا الوطن بمُنتهى الحكمة والذكاء، ولا يُمكنهم أن يُفكِّروا في الاحتجاج كبرنامج للتسلية وقضاء الوقت.
هذه الرؤية القاصرة وهذا التحليل غير الواقعي لم يذهب إليه أساتذة المبادرة، بل وسبقهم اليه مسؤولون في الحكومة، وهذا الأمر يثبت أنّ الأساتذة تبع المُبادرة ومعهم المسؤولين قراءتهم للواقع غير أمينة، فهم كأنهم يقولون لنا إن الشباب غير مُدركين لما يفعلون، وفي الحقيقة العكس هو الصحيح! هم بَنُوا تحليلاتهم على الظروف التي هيّأتها الحكومة لتخلق شباباً غير واع ومُدركٍ، ولكنهم نسوا أنّ مصادر الوعي أصبحت مُتاحةً مَجّاناً عبر التكنولوجيا ووسائل التواصل، وهم يقولون هذا من هَولَ المُفاجأة من أداء الشباب الذي لطالما )عصرته( الحكومة بقوة لتكتشف أنه نهض بذات القوة .
خلاصة الموضوع، حكم بعض أساتذة الجامعات في مبادرة التعليم العالي على الشباب، حُكمٌ مُجحفٌ وظَالمٌ، والنتيجة التي تَوَصّلوا إليها غير حقيقيّة وغير مقبولة علمياً ولا عقلياً، وستجعل الحكومة تتعامل مع الأحداث بطريقةٍ غير عقلانية وغير مقبولة تَجُرّها لمزيدٍ من المشاكل وتزيد الحـرَاك .

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد