صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

خطبة الجمعة

8

ساخر سبيل

الفاتح جبرا

خطبة الجمعة

(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ * يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ) [سبأ: 1- 2]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

أما بعد عباد الله:
لا شك أن هذا الإسلام، هذا الدين العظيم، يهمنا جميعًا كمسلمين أن يعلو، وأن ينتصر، وأن يمكن له في الأرض، فكيف يمكن أن يحدث ذلك وكيف يتم؟ أيتم بالمواكب والمسيرات والهتاف؟ لا والله فقد بين الله سبحانه وتعالى لنا أن بداية الطريق لنصرة دينه والتي تبدأ من النفس: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا. فبداية نصرة الإسلام تبدأ من النفس، من ذات الإنسان، فلا بد أن تكون أنت مسلمًا مؤمنًا، صادقًا في إسلامك وفي إيمانك مرتبطاً بالله سبحانه ارتباطًا قويا، يجعلك تعتز به، وتستغيث به، وتلجأ إليه، وتطمع في رحمته، وتخشى عذابه لأن هذا الارتباط بالله، يجعلك تعمل بكل أوامره، وتجتنب كل نواهيه.

أيها المسلم:
حتى تنصر الإسلام لا بد أن تعمل ما في وسعك لتكون مسلماً قولاً وفعلاً، سوف تنصره إذا آمنت واتقيت وصدقت بقلبك مع الله سبحانه وتعالى، واجتنبت ما حرم الله، وفعلت ما أمرك الله به، ثم إذا أكلت الحلال وبعُدت عن الحرام صرت مقربًا من ربك، مستجاب الدعوة كما جاء في الأثر: (أطِبْ مطعمك تكنْ مستجاب الدعوةِ).
سوف تنصره إذا لم تغرك الدنيا، ولم يغرك الشيطان، ولم يفتنك الهوى، ولم تأسرك المرأة، ولم تكن عبدًا للدرهم والدينار، إذا رفضت الشهوات التي تكبك في النار، وثبت على الحق، وأعليت كلمة الله، وسوف تنصره أن انعكس إسلامك على المحيط الذي حولك فشعر به زوجك وأولادك، وشعر بإسلامك أهلك وجيرانك، ومرؤوسيك وخدمك وعمالك، نعم لابد أن يشعر بإسلامك مجتمعك حيثما أنت تعيش وتعمل، لا يمكنك أن تنصر دين الله إن كنت فظاً في تصرفاتك، ظالماً في تعاملاتك تأكل الربا وتغش وترتشي وتسكت عن قول الحق ونصرة الضعيف المظلوم ونجدته ثم تدعي بعد ذلك أنك مسلم وأنك تريد نصرة الإسلام، فهذا كذب وغش ونفاق، يحتاج صاحبه أن يعيد حساباته من جديد فإن الله يعلم ما في الصدور.

أيها المسلم:
إذا أردت نصرة الإسلام يجب أن تنشر الحب بين الناس، فالحب هو قرين مرادف للإيمان ألم تقرأ حديث نبينا محمد: (لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا)، لقد عانت كثير من الأمم والشعوب المسلمة و(نحن منهم) الكثير من الشقاء، والبلاء، بسبب فقدان الحب والعطف والمعاملة الرقيقة، واستبدالهم بالبغض والقسوة. والكراهية.. أين هؤلاء من قول الله سبحانه وتعالى: إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ؟! أين هم عن قول النبي: (والَّذي نفسي بيدِه، لا تدخلوا الجنَّةَ حتَّى تُؤمِنوا، ولا تُؤمِنوا حتَّى تحابُّوا)؟!

أيها المسلم:
إذا أردت نصرة الإسلام لا بد أن يكون لديك صلابة في قول الحق والجهر به لا تتهاون، ولا تتساهل فيما يمس دين الله، ونحن للأسف الشديد صرنا نرى في هذا الزمان كثيرا من الناس الذين ركنوا إلى الذين ظلموا، وخرست ألسنتهم عن قول الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى أصابنا ما أصابنا وأنتم تعلمون.

أيها المسلم:
إذا أردت نصرة الإسلام فعليك بالثبات على الإسلام في زمن المتغيرات، زمن الشبهات والشهوات، زمن العولمة والفضائيات فعليك نصرة الإسلام في نفسك وفي مجتمعك وتذكر أننا ذاهبون إلى الله، فماذا نحن قائلون له إذا كنا استكنا لذل المعاصي ورضينا بهوانها ثم نريد بعد ذلك أن ننصر دين الله؟!
اللهم صلِّ على من بلغ البلاغ المبين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم وأقم الصلاة..

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد