صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

خطبة الجمعة

304

ساخر سبيل – الفاتح جبرا

خطبة الجمعة

إنَّ الحمدَ للهِ، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه ونتوبُ إليه، ونعوذُ باللهِ من شُرورِ أنفُسِنا، ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مُضلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادِيَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) .. أما بعدُ:

أيها المسلمون :

مما لا شك فيه أن (اليهود) هم أشد الناس عداوة للمؤمنين ، كما قال سبحانه ( لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ) ، وهم أهل نقض للعهود ، كما فعلوا مع موسى عليه السلام مرارا ، وكما فعلوا مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، بل حاولوا قتله مرارا ، حتى أجلاهم من المدينة ، والقاعدة العامة في تعاملهم مع المسلمين كما قال الله ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) وهم أهل المكر والخبث والدهاء كما سجل الناريخ فلا يستأمنهم إلا جاهل أو متغافل ، ويهود اليوم إنما يسيرون على طريقة أسلافهم ، بل زادوا عليهم باغتصابهم أراضي المسلمين ، كما فعلوا في فلسطين من عشرات السنين ، وهم يطالبون المسلمين بالاعتراف بهم ، وهم محتلون خونة ، إغتصبوا الديار وسفكوا الدماء ، ولا يزالون على ذلك حتى هذا اليوم .

عباد الله :

نستمع ونقرأ كثيراً عن مسألة التطبيع مع (الكيان الصهيوني) ونحن نلاحظ أن مسؤولينا قد قطعوا في هذا الِشأن شوطاً كبيراً وأصبحنا نرى الزيارات الرسمية (وغير الرسمية) للوفود من الطرفين فماذا يقصد بهذا التطبيع ؟ التطبيع أيها الأحباب هو بناء علاقات رسمية وغير رسمية، سياسية واقتصادية وثقافية وعلمية واستخباراتية مع الكيان الصهيوني، والتطبيع هو التسليم للكيان الصهيوني بحقه في الأرض العربية بفلسطين، وبحقه في بناء المستوطنات وحقه في طرد وتهجير الفلسطينيين من ديارهم وتدمير قراهم وأراضيهم فالتطبيع في حقيقته هو الاستسلام والرضا بأبشع مراتب المذلة والهوان والتنازل عن الكرامة وعن الحقوق والتطبيع ببساطة شديدة هو جعل الوجود اليهودي في فلسطين أمراً طبيعياً، وذلك بإقامة مختلف العلاقات فهناك تطبيع سياسيّ، وتطبيع اقتصادي، وتطبيع دبلوماسي، وغير ذلك. وكل هذا أمر مرفوض تماماً ، فالتطبيع مع الظالم ظلم، لأنه إقرار له على ظلمه، وهذا منصوص عليه في مواضع كثيرة في كتاب الله : قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ﴾(الممتحنة: من الآية 1). وقال أيضاً: ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ﴾(القصص:17) ، وقال النبي(ص): ((من مشى مع ظالم ليعينه على ظلمه، وهو يعلم أنه ظالم، فقد خرج من الإسلام))(رواه الطبراني). وقال: ((من أعان على خصومة بظلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع))(رواه ابن ماجه). وقال: ((إذا رأيتَ أمتي تهابُ الظالم أن تقول له أنت ظالم، فقد تُوُدِّع منهم)).

أيها المسلمون :

إن النصوص القرآنية والأحاديث النبوية تدل على عدم جواز إقرار الظالم على ظلمه، ومن خلال هذا المعيار فإنه لا يشك عاقل في تحريم التطبيع مع إسرائيل، طالما بقيت تصرُّ على الظلم، وتصرُّ على تشريد الشعب الفلسطيني، واغتصاب الأرض العربية ، وهكذا فإنه استناداً إلى النصوص الشرعية السالفة، وإلى الواقع الذي نعيشه وما يقوم به العدو الإسرائيلي؛ فإن العلماء قد أفتوا بحرمة التطبيع مع إسرائيل طالما بقيت على سياستها الحالية من الظلم والبغي والعدوان واحتلال الأرض وعلى مسؤولينا مراجعة أنفسهم في هذا الأمر المخالف لشرع الله سائلين لهم الهداية من الله إنه على كل شيء قدير ، اللهم عليك باليهود المحتلين الغاصبين، اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد ، اللهم إنا ندرأ بك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم، يا رب العالمين.

عباد الله :

إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكَّرون. فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

الجريدة

حرية، سلام، وعدالة

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد